للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ ﴿كُلِّ﴾ للتَّكثير (١)، كما في قوله: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٢٣] و ﴿مِنْ﴾ لابتداء الغاية.

﴿فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ﴾ التي ألهمك، راجعةً إلى بيوتك لا تضلِّين فيها، فإنَّها ربَّما أَبعدَتْ في طلب نجعتها إلى مواضعَ بينها وبين بيوتها فراسخ.

﴿ذُلُلًا﴾ جمع ذَلول، وهو حال من السُّبُل؛ أي: مذلَّلة، ذلَّلها الله تعالى وسهَّلها لك.

﴿يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا﴾ التفات من خطاب النَّحل إلى الغيبة؛ تصريفًا للخطاب إلى النَّاس؛ لأن الغرض الامتنانُ بالنِّعمة الجسيمة بين الغذائيَّة والدَّوائيَّة (٢) واللَّذة والشِّفاء عليهم، والاعتبارُ بحاله العجيبة، ولطفِ صنعتها التي تبهر العقول، والاستدلالُ بها على قدرة الصَّانع وكمالِ علمه وحكمته.

﴿شَرَابٌ﴾ يعني: العسل؛ لأنَّه ممَّا يُشْرَب.

وفيه دلالة على ما هو (٣) المختار عند المحققِّين، مِنْ أنَّ النَّحل يأكل الأزهار والأوراق العطرة، فيستحيل في باطنها، ثم يقيء ادِّخارًا للشِّتاء.

ومَنْ زعم أنَّ العسل نباتيٌّ محضٌّ، وقال: إنها تلتقط بأفواهها أجزاءً طَلِّيةً (٤) حلوةً صغيرة متفرِّقة على الأوراق والأزهار، وتضعها في بيوتها ادِّخارًا= لزمه أن يجعل البطون مستعارة لأفواه النَّحل، ويكون الأكل ترشيحًا لها.


(١) "كل للتكثير" من (م).
(٢) في (م): "الغداية والدوايبة".
(٣) في (ف) و (ك): "ما فيه".
(٤) نسبة للطل. انظر: "حاشية الشهاب" (٥/ ٣٤٩).