للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكرش ويتسفَّل، ويتوزَّع الدَّم على الأعضاء ليغذوَها، وَيفْضُل من غذائه قسطٌ صالح يرتقي إلى الضَّرع الذي هو لحمٌ غدديٌّ رخوٌ أبيض، فينقلب الدَّم عند انصبابه إليه (١) إلى اللَّبن، هذا هو القول الصَّحيح في تولُّد اللَّبن، فمِن وَهَمَ أنَّ محلَّه بين الفرث والدَّم فقد وَهِم.

﴿خَالِصًا﴾: مصفًّى عمَّا يصحبه من الأجزاء الكثيفة بتضيق مخرجه، ولهذا صار ﴿سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾: سهلَ المرور في حلقهم.

وأمَّا ما قيل: صافيًا لا يستصحِب لون الدَّم ولا رائحة الفرث، فمبناه الوهم الفاسد المذكور آنفًا، وإلَّا فأين موضع تولُّد اللَّبن من محلِّ الفرث.

(٦٧) - ﴿وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.

﴿وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ﴾ متعلِّق بما في الإسقاء من معنى الإطعام، أي: نطعمكم منها، فينتظِمُ المأكولَ منها والمشروبَ المُتَّخَذَ من عصيرها، ولا حاجة إلى تقدير محذوفٍ، وتعلُّقه بـ ﴿نُسْقِيكُمْ﴾ يؤدِّي إلى إخراج التَّمر والزَّبيب من الرِّزق الحسن، ولا وجهَ له.

﴿تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا﴾ استئناف لبيان الإطعام، وتذكير الضمير باعتبار جنس التَّمر.

ولَمَّا كان اللَّبن لا يحتاج إلى معالجةٍ منَّا أخبرَ عن نفسه تعالى بقوله: ﴿نُسْقِيكُمْ﴾، ولَمَّا كان السَّكَر والرِّزق الحسن يحتاج إلى معالجة منَّا قال: ﴿تَتَّخِذُونَ﴾.


(١) "إليه" من (م).