للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرئ: ﴿عَلِيٌّ﴾ مِن عُلُوِّ الشَّرفِ والمكانةِ (١).

وفي القول المذكور ردٌّ لما أَوهمَ اللَّعين مِن أنَّه إنَّما استثنى المخلَصين رعايةً لشرف تقرُّبهم من الله تعالى.

والإضافة في ﴿عِبَادِي﴾ للتَّشريف؛ يعني: إنَّ المخلصين بعبادتي المشرَّفين بالانتساب إليَّ لا قدرةَ لكَ على إغوائهم، فالاستثناء في قوله:

﴿إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ منقطعٌ؛ أي: لكن مَن اتَّبعك من الغاوين فلكَ عليهم سُلطان، والواو في قوله: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ﴾؛ أي: لموعدُ المتَّبِعين، للعطفِ على المحذوف المذكور (٢).

وأمَّا ما قيل: إنه تكذيبٌ له فيما أَوهم أنَّ له سلطانًا (٣) على مَن ليس بمخلِصٍ (٤) من عباده، فإنَّ منتهى أمره التَّحريض والتَّدليس، كما قال: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ [إبراهيم: ٢٢]، فلا يخفى بعدُه؛ لأنّه إنْ أُريْدَ بالسُّلطان: القدرة على الإغواء والضَّلال، فلا وجه للتَّكذيب له، وإنْ أُريْدَ به: ما أراده في القول المنقول عنه من القدرة القاهرة، فكلامه خلوٌ عن إيهامه، ثمَّ إنَّ مبناه على انقطاع الاستثناء مع صحَّة التَّناول في المستثنى منه للمستثنى، ولا يخفى ما فيه؛ فإنَّ حقَّ الاستثناء على تقدير العموم في المستثنى منه (٥) الاتِّصال، كما ذهب إليه مَنْ قال: إنَّه


(١) قرأ بها يعقوب من العشرة. انظر: "النشر" (٢/ ٣٠١).
(٢) "المذكور" من (م).
(٣) في النسخ: "أوهم أنه سلطان"، والمثبت من "تفسير البيضاوي" (٣/ ٢١٢).
(٤) في (ف): "بمخلصين".
(٥) "منه": سقط من (م) و (ك).