للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ﴾ يعني: يومَ القيامة، أو وقتَ الموت؛ فإنَّه أوَّل أوقات عذابهم، وهو مفعول ثانٍ لـ ﴿وَأَنْذِرِ﴾.

﴿فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ بالشِّرك والتَّكذيب: ﴿رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ أي: رُدَّنا إلى الدُّنيا وأمهِلنا إلى أمدٍ وحدٍّ من الزَّمان قريبٍ، أو أخِّر آجالنا مقدارَ ما نتدارك ما فرَّطْنا فيه من إجابة دعوتك واتِّباع رسلك، فقوله:

﴿نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾ جواب للأمر، ونظيره: ﴿لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [المنافقون: ١٠].

﴿أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ على إرادة القول، وجوابُ القسم:

﴿مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ وإقسامُهم على انتفاء الزَّوال عن الدُّنيا، إمَّا لغاية الغفلة والانهماك في الجهل وغلبةِ البطَر والأشَر، وإمَّا بلسان الحال حيث بنوا شديدًا وأمَّلوا بعيدًا، كأنهم أقسموا على أنَّهم خالدين فيها.

وإنَّما قيل: ﴿مَا لَكُمْ﴾ على المطابقة لـ ﴿أَقْسَمْتُمْ﴾، ولو حكي قول المقسِمين لقيل: ما لنا من زوال؛ أي: أقسمتم أنكم لا تُزالون عن الدُّنيا.

وقيل: معناه: لا تنتقلون إلى دارٍ أخرى؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾ [النحل: ٣٨]؛ أي: أقسمتم على إنكار البعث.

* * *

(٤٥) - ﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾.

﴿وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ بالكفر والمعاصي كعادٍ وثمودَ،