للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾؛ أي: تبقى أعينهم ممدودة نحو الهول مفتوحةً لا تطرف؛ أي: لا تتحرك أجفانُهم، أو لا (١) يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم، ولا يخفى أن هذا يغني عن إضافة الأبصار إليهم في وصفها بالشُّخوص، وإنما وحَّد الطَّرْف لأنَّه في الأصل مصدر.

﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾: خلاء.

وصف القلوب بالهواء مبالغةً في الخلوِّ عن الفهم والعقل؛ لفرط الحيرة والدَّهشة، كأنَّها نفسُ الخلاء، ومنه يقال للأحمق والجبان: قلبه هواءٌ؛ أي: لا رأيَ فيه ولا قوَّة، فالتَّجوُّز فيه عقليٌّ، كما في: رجلٌ عدلٌ، لا لغويٌّ كما زعمه مَن فسَّره بالخالية، فأخلاه عن تلك المبالغة، ونزَّل الكلام عن المنزلة العالية.

وقيل: معناه: منحرفةٌ لا تعي (٢) شيئًا للخوف والفزع الذي دخَلها، فهي كهواء الجوِّ في الانحراف وبطلان الإمساك.

* * *

(٤٤) - ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾.

﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ﴾ خطاب للرسول .


(١) في (ف) و (ك): "ولا"، والمثبت موافق لما في "الكشاف" (٢/ ٥٦٣)، و"تفسير البيضاوي" (٣/ ٢٠٢).
(٢) في النسخ: "لا تبقي"، والصواب المثبت. انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ١٦٦٣)، و"الهداية" لمكي بن أبي طالب (٥/ ٣٨٣٦). وفي "تفسير مجاهد" (ص: ٤١٣) روايةً عن مرة بن شراحيل: (مُنحَرِفةٌ لا تَعِي أو تُغْنِي شيئًا).