للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سائرين بسيرتهم (١)، وأصل سَكَن أن يُعدَّى بـ (في)، كقَرَّ وغنيَ وأقامَ، وقد يُستعمل بمعنى التبوُّء (٢) والتَّوطُّن فيجري مجراه، كقوله: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: ٣٥].

والسُّكنى (٣): سكون خاص، فتركه على الأصل، ويجوز أن يكون بمعنى السُّكون؛ أي: لبِثْتُم فيها وأَقَمْتم.

﴿وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ﴾ بمشاهدة آثار ما نزلَ بهم في مساكنهم، وتواتُرِ أخبارهم، فلم تعتبِروا، ولم ترتدِعوا، ولم تحدِّثوا أنفسكم بما لَقُوا من عذاب الله.

﴿وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾؛ أي: صفاتِ ما فَعلوا وفُعل بهم، التي صارت أمثالًا سائرةً بين النَّاس في غاية الغرابة مضروبةً لكلِّ ظالم، وبيَّنا أنَّكم مثلهم في الكفر واستحقاق العذاب.

* * *

(٤٦) - ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾.

﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ﴾ الذي استفرغوا فيه جهدهم لإبطال الحقِّ وتقرير الباطل، وهو المكر المخصوص بهم، ليس لأحدٍ مكر في قوَّته.

﴿وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ﴾ الذي يمكرهم به، وهو العذاب الذي يأتيهم بغتةً من حيث لا يشعرون، ولا يحتسبون؛ لاستحقاقهم ذلك بمكرهم.


(١) في (ك): "سيرتهم".
(٢) في (ك): "التبوئة"، وفي (ف): "النبوة".
(٣) في (ف) و (ك): "والسكن". والمثبت موافق لما في "الكشاف" (٢/ ٥٦٥).