للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٠٠) - ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾.

﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾؛ أي: رفعهما على السرير، وخصَّهما بذلك تكرمةً لهما دون إخوته.

﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ تحيةً وتكرمةً له، فإن السجود كان عندهم يجري مجراها، والواو لأبويه ولأخوته، والرفع مؤخَّر عن الخرور وإن قدِّم لفظًا للاهتمام بتعظيمه لهما، والواو لا تفيد الترتيب.

وقيل: معناه: خروا لأجله سجدًا لله. وقيل: الضمير لله. ويأباهما قوله:

﴿وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ﴾ رأيتُها أيام الصبا ﴿قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا﴾ صدقًا؛ إذ لا مطابقة حينئذ بين الرؤيا والواقع.

﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي﴾ حمَله على (لَطَف) حَمْلَ النظير على النظير فعدَّاه بالباء، وإلا فـ (أَحْسَنَ) أصله أن يتعدى بـ (إلى) أو باللام، وأما التضمين فلا يناسب المقام؛ لأن أحدهما يُغني عن الآخر فلا فائدة في الجمع بينهما.

﴿إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ لم يذكر الجبَّ اكتفاءً بدلالة النزغ الآتي ذكرُه عليه، لا صفحًا عن ذكرِ ما تعلَّق بفعل إخوته لئلا يكون تثريبًا عليهم؛ لأنَّه على تقدير أن يكون خطابه لأبيه بمسمَعٍ منهم، ولا دلالة في الكلام عليه.

﴿وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ﴾: من البادية؛ لأنهم كانوا أصحاب المواشي وأهلَ