للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عَمَدٍ، عَدَّ نقلهم من البدو نعمةً أخرى، وفي الحديث عن رسول الله : " مَن يُردِ الله به خيرًا ينقله من البادية إلى الحاضرة" (١)، أي: أصلح حالكم.

﴿مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾؛ أي: أفسد بيننا وأغوى.

نزغ بمعنى: نَخَس، من نَخَس الرائض الدابَّة، وحمله على الجري. وإنما ذكر هذا القَدْر من أمر إخوته لأن النعمة إذا جاءت إثر بلاءٍ وشدةٍ كانت أحسنَ موقعًا.

وليت شعري مَن قال: عدم ذكر الجب للاحتراز عن التثريب عليهم، ما يقول (٢) في ذكر الفساد الواقع بينه وبينهم؟! والعجَبُ أنه قال في تفسير قوله: ﴿مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ﴾ قُبْحَ ما فعلتم به، والتثريب فيه أظهر منه في ذكر الجب.

﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ﴾؛ أي: لطيف التدبير لِمَا يشاء من الأمور، ما من صعب إلا وتَنْفُذ فيه مشيئتُه ويتسهَّل بلطف تدبيره.

﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ بوجوه المصالح والتدابير ﴿الْحَكِيمُ﴾ الذي يفعل كلَّ شيء على وجه تقتضيه الحكمة.

* * *

(١٠١) - ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.

﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ﴾ بعضَ الملك، وهو ملك مصر، ومَن قال: أو بعض


(١) انظر: "البحر المحيط" لأبي حيان (١٢/ ٥٦٩)، ولم أجده مسندًا.
(٢) في (ك): "يفعل ".