للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٤٩) - ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾.

﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾ الفاء للسَّببيَّة، والجملة مسببَّة عمَّا دلَّ عليه الكلام السَّابق، والمعنى: إذ قد ظهر عدمُ تمام حجَّتكم فالحجَّةُ التَّامة مختصَّةٌ به تعالى ﴿فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ الفاء قامت مقام (إنَّ) في تحقيق ما دلَّ عليه الكلام السَّابق من كونهم محجوجين، وذلك أنَّ فيه إلزامًا لهم بناءً على قولهم؛ أي: بل قد (١) صدَقتم، ولكن كما شاء كفركم لو شاء هدايتكم لهداكم كلَّكم، فبأي شيء علمتم أنَّه لم يشأ هدايتكم حتى أصررتم؟!

وهذا تهييجٌ لمن عسى أن يكون له استعدادٌ منهم فينقمعَ ويهتدي، فيرجعَ عن الشرك ويؤمنَ.

وفيه فائدة أخرى، وهي تداركٌ لِمَا يخطر بالبال من إبطال احتجاجهم أن يكون الاختلال في قولهم: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾ بتصديقهم في ذلك المقال، ففيه حجَّة دامغة لأصحاب الاعتزال.

* * *

(١٥٠) - ﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾.

﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ﴾ ﴿هَلُمَّ﴾ من أسماء الأفعال، يجيء متعديًا كما هاهنا بمعنى: هاتوا، ولازمًا كقوله: ﴿هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ [الأحزاب: ١٨]؛ أي: تعالوا (٢).


(١) "قد"من (ك) و (م).
(٢) في هامش (ف) و (م): "ومن قال هاهنا: إنه لازم في القول المذكور، وقال في تفسير سورة الأحزاب: معناه: قربوا أنفسكم إلينا، ثم قال: وقد بثنا أصله في الأنعام، لم يكن كلامه على سنن الانتظام، كما لا يخفى على ذوي الأفهام ".