للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنما أضاف الشُّهداء إليهم لأنها لو أُطلقت لكان المعنى: هلم ناسًا يشهدون، فكان ظاهره طلبَ الشُّهداء بالحقِّ، وذلك فاسد.

﴿الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا﴾؛ يعني: مرتضاهم وقدوتَهم، أمَرهم بإحضارهم ليُلزمهم الحجَّةَ ويُبكِّتَهم، فيظهرَ للمشهود لهم عند انقطاعهم أنهم ليسوا على شيء، ولهذا قال:

﴿فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ﴾: فلا تصدِّقهم، ولا تسلِّم لهم، كنَّى عن ذلك بالشَّهادة معهم مبالغةً في النَّهي؛ دلالةً على أنَّ الإصغاء إليهم دخول في عداد الشهداء بالباطل (١).

﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا﴾ من باب وضع الظَّاهر موضع الضَّمير، للدّلالة على أن المكذِّب بآيات الله تعالى لا يكون إلا متَّبع الهوى؛ إذ لو اتَّبع الدَّليلَ والعقل لكان مصدّقًا بها.

﴿وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ كعبدة الأوثان ﴿وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾: يجعلون له تعالى عديلًا.

* * *

(١٥١) - ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.

﴿قُلْ تَعَالَوْا﴾ من التَّعالي، وأصله: أَمْرُ مَنْ كانَ في مكانٍ عالٍ لمن هو أسفل منه، فعُمِّمَ اتِّساعًا فيه لكثرة الاستعمال.


(١) في هامش (ف): "ويأبى عن الاستعارة والمشاكلة قوله: ﴿مَعَهُمْ﴾. منه ".