للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٤٨) - ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾.

﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ في ردِّ الدَّعوة وتكذيب الرَّسول: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا﴾ عطف على الضمير المرفوع في ﴿أَشْرَكْنَا﴾ بلا تأكيدٍ للفصل بـ (لا) (١).

﴿وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾؛ أي: ما صدر منَّا ومن آبائنا ما صدرَ إلَّا بمشيئة الله تعالى (٢) وإرادته، أصابوا فيما قالوا على وَفق ما مرَّ في هذه السورة من قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا﴾ [الأنعام: ١٠٧]، ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ﴾ [الأنعام: ١٣٧]، ولكنهم أخطؤوا في تمسُّكهم به في الرَّدِّ على الرَّسول ، وزعمهم أنَّ فيه حجَّةً عليه؛ بناءً على ظنِّهم أنَّ ما أرادَه اللهُ تعالى لا يكون منهيًّا عنه، وما لم يُردْهُ اللهُ تعالى لا يكون مأمورًا به، فلا مساغ للنَّهي عن شركٍ دلَّ وقوعه على أنَّه مرادُ اللهِ تعالى، والأمرُ بالتَّوحيد دلَّ عدم وقوعه على أنَّه (٣) لم يكن مرادًا له تعالى - لِمَا تقرَّر في (٤) موضعه أنه لا تلازم بين الأمر والإرادة، بل ينفكُّ كلٌّ منهما عن الآخر، وكذا بين النَّهي وعدم الإرادة، ولذلك - أي: لعدم خطئهم في


(١) وهذا عند البصريين، ساغ العطف عندهم وإن لم يؤكد الضمير لأنَّه يكفي عندهم أي فاصل كان، وقد فصل بـ (لا) هاهنا، والكوفيون لا يشترطون في ذلك شيئا ويستدلون بما هنا. انظر: "روح المعاني" (٨/ ٤٨٨).
(٢) في (م) و (ك): "بمشيئته تعالى".
(٣) "مراد الله تعالى والأمر بالتوحيد دل عدم وقوعه على أنه" سقط من (م) و (ك).
(٤) في (ح) و (ف): "من". وقوله: "لما تقرر" متعلق بـ "أخطؤوا".