للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا يخفى ما في الاعتراض بين المعطوفين للتَّعليل من الدلالة على سائر أجزائه القابلة للأكل.

ويجوز أنْ يُرادَ باللحم: ما يُؤكَل منه مطلقًا، على طريقة التَّعبير عن الكل بالجزء (١)، وعلى هذا لا حاجة إلى صرف الضمير عن المضاف.

فإن قلْتَ: أليس في هذا التعليل غنًى عن إقحام اللحم لإفهام ما ذُكِرَ آنفاً؟

قلْتُ: لا؛ لأنَّ التَّعليل النَّحوي لا يلزم أن يكون بالعليَّة الشَّرعيَّة، بل قد يكون بالحكمة التي لا يلزمها الاطراد ولا الانعكاس، وإنَّما خصّص هذا والذي يليه بالتَّعليل عبارةً وإشارةً لأنَّ الطَّبع يساعد السَّمع في الأَوَّلَيْن بخلافِهما في الآخرَيْنِ.

﴿أَوْ فِسْقًا﴾ نصب عطفًا على ﴿لَحْمَ خِنْزِيرٍ﴾، لا على أنه مفعول له، دَلَّ على ذلك قولُه تعالى في موضع آخر: ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١]، سمي بالمصدر مبالغةً، فهو بعبارته تحذير منه (٢)، وبإشارته تعليل لحرمته.

﴿أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ صفة موضِّحة له، والإهلال به كنايةٌ عن ذبحه، وهو في الأصل: رفعُ الصَّوت بالشيء.

﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾: دعته الضرورة إلى أكلِ شيء من ذلك ﴿غَيْرَ بَاغٍ﴾ على مضطرٍّ مثله ﴿وَلَا عَادٍ﴾ قَدْرَ الضرورة في تناوله.

﴿فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ﴾ لِمَا عسى أن يفرط عند العمل بالرُّخصة ﴿رَحِيمٌ﴾ بالرُّخصة فيه.


(١) في (ك): "بالجل".
(٢) في (ف) و (ح): "عنه".