للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منه عند الجمهور خلافًا لابن عباس، ومن صيغة الجمع ما يتناولُ المثنَّى، وفيه خلافٌ لابن عباس (١).

وإطلاقُ الإخوة يدلُّ على أنهم يردُّونها من الثلث إلى السدس وإن كانوا لا يرثون كما إذا كانوا مع الأب، وعن ابن عباس أنهم يأخذون السدس الذين حجَبوا عنه الأم، فالجمهور على أن الاثنين من الإخوة أو من الأخوات أو منهما سواءٌ كانا من الأعيان أو من العَلَّات أو من الأَخياف، متَّفقَينِ أو مختلفَين، محجوبَينِ أو غير محجوبَين يردُّونها من الثلث إلى السدس.


(١) اختلفوا في حَجْبِ الأُمِّ بالأَخَوينِ في قولهِ تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ [النساء: ١١]، فذهَبَ جُمهورُ العُلماءِ إلى أنَّ الأَخَوينِ يَرُدَّانِ الأمَّ عن الثُّلثِ، بخلافِ ابنِ عبَّاسٍ فإنَّه جَعَلَ الثَّلاثةَ مِن الإخْوةِ والأَخَواتِ حاجبة للأُمِّ دونَ الاثْنَينِ، فلها مَعَهُما الثُّلثُ عندَهُ بناءً على أنَّ الإخْوةَ صِيغةُ الجمعِ فلا يَتَناوَلُ المثنَّى، وله في خِلافهِ مع عُثْمانَ في هذهِ المسألةِ قصَّةٌ رَوَاها الطَّبريُّ في "تفسيره" (٦/ ٤٦٥)، والبيهقيُّ في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٢٧).
أمَّا الجمهورُ فقد ذكر الآلوسي أنهم قالوا: إن حُكْمَ الاثْنينِ في بابِ الميراثِ حُكْمُ الجماعةِ، أَلا يُرى أنَّ البِنْتينِ كالبناتِ والأُخْتَينِ كالأخواتِ في اسْتِحقاقِ الثُّلُثَينِ فكذا في الحَجْب، وأيضًا معنَى الجمعِ المُطلَقِ مُشترَكٌ بينَ الاثْنَينِ وما فوقَهُما، بل قال جمع: إنَّ صيغةَ الجمعِ حقيقةٌ في الاثْنينِ كما فيما فوقَهُما في كلامِ العربِ، فقد أَخْرجَ الحاكِمُ في "المستدرك" (٧٩٦١)، والبَيْهقيُّ في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٢٧) عن زيدِ بنِ ثابتٍ أنَّه كانَ يَحجُبُ الأمَّ بالأَخَوينِ، فقالوا لهُ: يا أبا سعيدٍ، إنَّ اللهَ تعالى يقولُ: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ أنتَ تَحجُبُها بأَخَوينِ؟ فقال: إنَّ العربَ تُسمِّي الأَخَوينِ إخْوةً. ومن هنا اخْتَلفَ النَّاسُ في مدلولِ صيغةِ الجمعِ حقيقةً، وصرَّحَ بعضُ الأصوليِّينَ أنَّها في الاثْنينِ في الموَاريثِ والوَصَايا ملحقةٌ بالحقيقةِ، والنُّحاةُ على خلافِ ذلك. انظر: "روح المعاني" (٥/ ٣٥٧).
قلتُ: وقد وقعَ عندَ النَّحويِّينَ أيضًا اختِلافٌ في عَدِّ الاثْنينِ جمعًا، وينظر في ذلك رسالة العلامة المؤلف التي بحث فيها خِطابَ الواحدِ بخطابِ الاثْنينِ، ومُعامَلةَ المثنَّى مُعامَلةَ الجمعِ، وهي مطبوعة ضمن "مجموع رسائل العلامة ابن كمال باشا"، وانظر فيها ما قدمناه لتلك الرسالة.