للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينبعث من الخلق الإلهي ومن دعوة الأنبياء السابقين لمحمد" «٤٢» ، وأتفق باحث آخر مع هذا الرأي مبينا فيه أن فهم ابن إسحاق للتأريخ بعامة والسيرة النبوية بخاصة كان أوسع من مفهوم أسلافه ومعاصريه، وذلك من حيث انه لم يقصد تقديم تأريخ للرسول حسب بل رأى أن يقدم تأريخا للنبوات أيضا ولذلك فقد صار مرجعا رئيسا لتأريخ ما قبل الإسلام وصدره «٤٣» .

٦. استعراض الخبر التأريخي بأسلوب جميل وذلك باستعمال إسناد جمعي في ذكر الحوادث، وذلك بجمعه روايات عدة لحدث واحد في نص منسق يستعرض الحادثة من بدايتها إلى نهايتها «٤٤» ، نال ابن إسحاق في عمله هذا إعجاب الباحثين إذ وصف أحدهم بأنه قد اتبع هذا الاسلوب بحرص وكفاءة واستطاع أن يقدم قصة جذابة في رواياته «٤٥» ، ويضيف آخر: " أن ابن إسحاق صاغ سيرته بأسلوب ساحر ويعرض أحداثه بتسلسل، ويجمعها بطريقة تجلب انتباه القارئ على الدوام، مع تصويره للشخصيات التي يصفها بحيث تبرز أمامنا كأننا نراها رأى العين" «٤٦» ، وينتهي أحدهم إلى وصف أسلوب ابن إسحاق هذا بالقول:

" كان محايدا في عرضه لنشاط الجانب المناوئ للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم فلا يتخلف عن تدوين ما قيل من الشعر في هجاء الرسول الكريم، وإذا تعرض للغزوات فهو يقدم


(٤٢) دلا فيلدا، دائرة المعارف الإسلامية، ١٢/ ٤٥١.
(٤٣) جب، دراسات في حضارة الإسلام، ص ١٤٨.
(٤٤) هوروفتس، المغازي الأولى ومؤلفوها، ص ٨٦، الدوري، بحث في نشأة علم التأريخ عند العرب، ص ٢٨.
(٤٥) الدوري، المصدر نفسه، ص ٢٩.
(٤٦) نصار، نشأة التدوين التأريخي عند العرب، ص ٨٣- ٨٤.

<<  <   >  >>