للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه طبيبه واستصوبته أنت قال: نعم على عمد، قلت له: [قلت] «١» ولم؟ قال: عليك بين طبيبين اقتل حتى يمر.

وكم لهم مثل هذا ولقد قال طبيب لسلطان كبير وهو موفق بن المتوكل، وكان جسيما وسيما أكولا، وهناك من يكره حياته، فأكل يوما ألبانا كثيرة في ألوان كثيرة، قال طبيبه وأنا واقف وهو يأكل ولا أنهاه وأقول في نفسي هذا يفلج اليوم، لأنه زمن ويأكل هذا لا محالة، فإن لم يفلج، فالطب باطل. فلما أكل وفرغ دخل الخيش ونام فيه، وصرت إلى منزلي، فلما كان بعد قليل سمعت قعقعة بغل البريد فقيل لي: أجب الأمير، فقلت في نفسي:

فلج لا محالة فركبت وحثيته؛ فإذا هو في حمى عظيمة مطبقة دموية، فاحتاج أن يفصد من يديه ويخرج من الدم أربعمائة درهم، فكان ذلك بالضد من صناعة الطب وقوانينه.

ومن تدبر وجد العجائب من آيات الله في كل شيء، وخيانات هؤلاء كثيرة، وقد أساء إلى نفسه من استعملهم في الطب والجراح وائتمنهم. وهذه الصفة مما ذكرنا أن هذه الصنعة ليست بعلم وإنما هي تجارب بحسب ما أجرى الله العادة.

وفي الأفاعي ما يلسع بعضها بعضا فيموت الملسوع، وتلسع بعض الناس فتموت الأفاعي ولا ينال الملسوع مكروها، وقد تلسع الإبل والقنفد والسنّور وابن عرس وغيرها فلا تضرّ، هذا عام في الحيوانات، فأما في الإنسان فنادر.

وزعم الكندي المتطبب «٢» ، أن الخليفة المعتصم استدعاه قال فقال لي من


(١) كذا في الأصل، وهي زائدة
(٢) هو أبو يوسف يعقوب بن اسحق الكندي من أوائل الذين كتبوا في الفلسفة والطب عند العرب