للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكون: قلت: أنا يعقوب ابن اسحق الكندي، فقال لي: عندنا إنسان يرسل عليه الأفاعي فإذا لسعته/ ماتت ولم يضره، وأنا أحب أن تشاهد ذلك. قال:

فأتى برجل طوال نحيف أسمر خلاسيّ، ثم دعا بسلال الأفاعي فقال: يا فتى نرسلها عليك؟ فقال: على اسم الله، رسمى قبله. فأقبل عليّ المعتصم وقال:

رسمه علينا أن نطعمه الكباب ونسقيه النبيذ وتعطيه دينارا، أحسبه قال على كل أفعى. قال: ففعلوا ذلك، وأرسلوا عليه الأفاعي فأي أفعي لسعته ماتت مكانها وهو كأنشط ما يكون، فقال لي المعتصم: ما عندك في هذا؟ فقلت:

أنظر فيه وأعاود الفكر وأعرّف أمير المؤمنين، قال الكندي: وقد عمل رسالة في هذا الباب، فعدت إلى المعتصم فأخبرته أن هذه الأفعى قد طال مكثها وقد ضعف سمّها وشربت الماء، فهات الأفاعي التي ما شربت الماء قال الكندي: فجيء بها وأرسلت عليه فمات.

وهذه غفلة من الكندي، هب الأمر كما قال وسمّها قد بطل أصلا فما السبب أنها تموت إذا لسعت، وقد كان ينبغي أن تجرب هذه الأفاعي في غير هذا الرجل، فإن لم تضر أحدا غيره فقد أصاب الكندي.

وعقارب الفاطول «١» يموت بعضها من لسع بعض ولا تموت عن لسعها غير العقارب، ومن عجيب العقارب أنها تلسع الأفعى فتموت الأفعى، وقد تلسع أكثر الناس فلا تموت، والعقرب التي يحدث من لسعها الموت على غايته ضعف الخلقه، ولعلها أن تكون أضعف من العنكبوت الصغير وأبرتها كالشعرة، وهي توجد بالبنذنجيين «٢» وبرامهرمز وبعسكر مكرم من كور الأهواز، والأطباء يرجعون في التداوي من لسعها إلى أهل تلك البلدان، فيقولون لهم:


(١) لعلها: الناطلين، انظر معجم البلدان، الجزء الخامس
(٢) انظر معجم البلدان الجزء الأول