المبالاة، ومن كان منهم يظهر المجوسية فليس بمجوسي، أو يظهر النصرانية فليس بنصراني، أو يظهر اليهودية فليس بيهودي، أو يظهر الإسلام فليس بمسلم، هذا الغالب عليهم، وكذا وجدهم من خالطهم وبحث عنهم، فما أحوج الناس إلى من يجعل الطب في أمناء المسلمين الأتقياء، فإنها أمانة عظيمة، وإن كان ليس في البقاء مطمع، ولا إلى السلامة سبيل، ولكن يتخلص المرضى من تعذيب الملحدين لهم، وممن يتمنى الاسقام ليأخذ أموالهم وتسؤه صحتهم وسلامتهم، فما في الأرض أغيظ من دوام صحة الناس من هؤلاء الأطباء، لما في ذلك من الاستغناء عنهم، وعلى أن الناس ممن هو طبيب نصراني وليس بملحد في مكاره وكذا الصيدلاني وبائع الدواء إذا كان ذلك.
وقد كان الشيخ أبو عبد الله الحسن بن علي البصري رحمه الله «١» يذكر عن ثقة حدثه أن قوما من النصارى قالوا لعبد الله غلام إسرائل الصيدلاني النصراني، وكان في المخرم في الجانب الشرقي ببغداد، أن فلانا يؤذي النصارى ومنك يشتري الأدوية فأكفيناه، فقال: أفعل.
وأبو الحسن بن كعب الأنصاري أحد علماء المسلمين، وكان صديقا للشيخ أبي بكر أحمد بن علي الرازي رحمهما الله، وكان بينه وبين الصابئين المتطببين خصومة في صنيعه، فدسوا إلى طبيبه وأعطوه مجمعا للمباضع ففصده وأشار بالفصد عليه فقتله.
وذكر الشيخ أبو عبد الله عن حنون المتطبب وكان صديقه وصديق أبي الحسن الكرخي رحمه الله، وحنون هذا، هو أبو أبي الطيب المؤمل هذ الذي يحيا وأسلم.
(١) هو شيخ قاضي القضاة عبد الجبار الهمذاني توفي حوالى سنة ٣٦٧