كثير الكتب والمقالات في ذلك، حتى دخلت امرأة على امرأته ورأت ما به من القلق، فسألت امرأته عن ذلك فقالت: من وجع أذنه، فقالت المرأة الداخلة:
هذا وهو طبيب، وقد سمعت أن الخنفساء الميتة إذا أغليت مع دهن الورد وقطر في الأذن من ذلك الدهن منع من وجع الأذن، فقالت له امرأته ذلك، فقال: افعلوا وبادروا لعله ينفعنى، ففعلوا وقطروا في أذنه فزعم أنه نفعه.
ومثل هذا من الأدوية يحكيه جالينوس كثيرا أنه استفاده من القوابل ومن الأكرة ومن الملاحين، وكم قد عرض لحذاق الطب من الأمراض التي لا تظهر، وكم هي فيهم وبأي أمراض ماتوا، فنعوذ بالله من الذهاب عن الله ومن التوكل على غير الله، وإنما ذكرنا هذا لكثرة دعاوى هؤلاء الجهال.
وكم قد بقي الناس وهم لا يعرفون الفصد، وكانوا أطول أعمارا وأصح أجساما، والروم لا تعرف اليوم لا الفصد ولا الحجامة، ولا الدواء المسهل ولا القيء، ولا تتداوى بشيء من ذلك، هذا الغالب عليهم، وأجسامهم صحيحة وصحتهم وجلدهم متصل حتى يقال إن أكثرهم إنما مرضهم مرض موته، ولو أراد المسلمون أن يستغنوا عن الأطباء بمعرفة صنعة الطب لفعلوا، وكان مطلب ذلك والوقوف عليه أقرب وأيسر من معرفة اللغة والنحو والعروض، وهو أن يقرأ شيئا «١» من كتبهم، وطول مشاهدة المرضى، ولو تكلف هذا من قد عرف صنعة الكلام، وأن الفعل لا يكون من الجماد ولا من الموات، ولا يقع إلا من الحي القادر، وأنّ هذه الأدوية إنما هي بمجرى العادة، وأنه قد يكون ولا يكون، وينفع ولا ينفع، وأراح المسلمين من هؤلاء/ الأطباء فإنهم جهال بالأصول، والغالب عليهم الالحاد والقسوة وقلة