للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ عَلَيْهَا الشُّهَدَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ وَيَجْلِسُ مِنْ وَرَائِهِمْ عَلَى تِلْكَ الْكُثُبِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ أَنَا رَبُّكُمْ قَدْ صَدَقْتُكُمْ وَعْدِي فَاسْأَلُونِي أُعْطِكُمْ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا نَسْأَلُك رِضْوَانَك، فَيَقُولُ: قَدْ رَضِيت عَنْكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مَا تَمَنَّيْتُمْ وَلَدَيَّ مَزِيدٌ، فَهُمْ يُحِبُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَا يُعْطِيهِمْ فِيهِ رَبُّهُمْ مِنْ خَيْرٍ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي اسْتَوَى رَبُّكُمْ عَلَى الْعَرْشِ فِيهِ، وَفِيهِ خُلِقَ آدَم، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ» .

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَنَحْوُهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَلَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ، بَلْ هَؤُلَاءِ مَدَارُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ جِهَتِهِمْ أُخِذَتْ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ الَّذِي قَالَ إنَّ مَالِكًا احْتَذَى مُوَطَّأَهُ عَلَى كِتَابِهِ هُوَ قَدْ جَمَعَ أَحَادِيثَ الصِّفَاتِ لَمَّا أَظْهَرَتْ الْجَهْمِيَّةُ إنْكَارَهَا حَتَّى إنَّ حَدِيثَ خَلْقِ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ أَوْ صُورَةِ الرَّحْمَنِ قَدْ رَوَاهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا، وَلَفْظُهُ: «خُلِقَ آدَم عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ» مَعَ أَنَّ الْأَعْمَشَ رَوَاهُ مُسْنَدًا.

فَإِذَا كَانَ الْأَئِمَّةُ يَرْوُونَ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَمْثَالَهُ مُرْسَلًا فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُمْ كَانُوا يَمْتَنِعُونَ عَنْ رِوَايَتِهَا، وَالْحَدِيثُ هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ مَنْ يُحَدِّثُ الْحَدِيثَ «إنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ» ، وَالْحَدِيثَ «إنَّ اللَّهَ يَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» «وَأَنَّهُ يُدْخِلُ فِي النَّارِ يَدَهُ حَتَّى يُخْرِجَ مَنْ أَرَادَ» ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إنْكَارًا شَدِيدًا وَنَهَى أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ أَحَدٌ. قُلْت: هَذَانِ الْحَدِيثَانِ كَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُحَدِّثُ بِهِمَا، فَالْأَوَّلُ حَدِيثُ الصُّورَةِ حَدَّثَ بِهِ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، وَالثَّانِي هُوَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الطَّوِيلِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَالْأَوَّلُ قَدْ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ

، وَابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا سَأَلَ مَالِكًا لِأَجْلِ تَحْدِيثِ اللَّيْثِ بِذَلِكَ، فَيُقَالُ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ مُخَالِفًا لِمَا فَعَلَهُ اللَّيْثُ وَنَحْوُهُ أَوْ لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>