ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَنَّهُ خَلَقَ آدَمَ بِيَدَيْهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ.
الثَّامِنُ: قَوْلُهُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ أَئِمَّةَ السُّنَّةِ وَأَخْيَارَ الْأُمَّةِ بَعْدَ صَحْبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُودِعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ كِتَابَهُ الْأَخْبَارَ الْمُتَشَابِهَاتِ فَلَمْ يُورِدْ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّإِ مِنْهَا شَيْئًا كَمَا أَوْرَدَهُ الْآجُرِّيُّ وَأَمْثَالُهُ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ وَاللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ، وَلَمْ يَعْتَنُوا بِنَقْلِ الْمُشْكِلَاتِ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَقُولُهُ إلَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ مَعْرِفَةِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ، وَمَا نَقَلُوهُ وَصَنَّفُوهُ، وَقَوْلُهُ: رَجْمٌ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ فَإِنَّ نَقْلَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِمَّا يَعْرِفُهُ مَنْ لَهُ أَدْنَى نَصِيبٌ مِنْ مَعْرِفَةِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ عَنْ هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالِهِمْ أُخِذَتْ، وَهُمْ الَّذِينَ أَدَّوْهَا إلَى الْأُمَّةِ، وَالْكَذِبُ فِي هَذَا الْكَلَامِ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى بَيَانٍ، لَكِنَّ قَائِلَهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْكَذِبَ وَلَكِنَّهُ قَلِيلُ الْمَعْرِفَةِ بِحَالِ هَؤُلَاءِ وَظَنَّ أَنَّ نَقْلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْجَاهِلُ الَّذِينَ يُسَمِّيهِمْ الْمُشَبِّهَةَ أَوْ الزَّنَادِقَةَ وَهَؤُلَاءِ بُرَآءُ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَتَرَكَّبَ مِنْ قِلَّةِ عِلْمِهِ بِالْحَقِّ وَمِنْ هَذَا الظَّنِّ النَّاشِئِ عَنْ الِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي فِيهِ مِنْ الْفِرْيَةِ وَالْجَهْلِ وَالضَّلَالِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى أَدْنَى الرِّجَالِ.
التَّاسِعُ: قَوْلُهُ لَمْ يُورِدْ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَدْ ذَكَرَ أَحَادِيثَ النُّزُولِ وَأَحَادِيثَ الضَّحِكِ فِيمَا أَنْكَرَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ حَدِيثَ النُّزُولِ مِنْ أَشْهَرِ الْأَحَادِيثِ فِي مُوَطَّإِ مَالِكٍ رَوَاهُ عَنْ أَجَلِّ شُيُوخِهِ ابْنِ شِهَابٍ عَمَّنْ هُوَ مِنْ أَجَلِّ شُيُوخِهِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَعَزِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِبْ لَهُ، مَنْ يَسْأَلْنِي فَأُعْطِيهِ، مَنْ يَسْتَغْفِرْنِي فَأَغْفِرْ لَهُ» وَقَدْ رَوَاهُ أَهْلُ الصِّحَاحِ كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، وَأَحَادِيثُ النُّزُولِ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهَا أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ نَفْسًا مِنْ الصَّحَابَةِ بِمَحْضَرِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَالْمُسْتَمِعُ لَهَا مِنْهُمْ يُصَدِّقُ الْمُحَدِّثَ بِهَا وَيُقِرُّهُ، وَلَمْ يُنْكِرْهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَرَوَاهُ أَئِمَّةُ التَّابِعِينَ وَعَامَّةُ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ، رَوَوْا ذَلِكَ وَأَوْدَعُوهُ كُتُبَهُمْ وَأَنْكَرُوا عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ. قَالَ شَارِحُ الْمُوَطَّإِ الشَّرْحُ الَّذِي لَمْ يَشْرَحْ أَحَدٌ مِثْلَهُ، الْإِمَامُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute