للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرَاهُ أَحَدٌ عَلَى بَابِي، قَالَ أُحِبُّ أَنْ أَجِيءَ بِهِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَلَمْ يَزَلْ يَطْلُبُ إلَيَّ قَالَ قُلْت هُوَ ذَا يَقُولُ أَجِبْ فَأَيُّ شَيْءٍ أَقُولُ لَك، قَالَ: فَجَاءَ بِهِ فَقُلْت لَهُ اذْهَبْ حَتَّى تَصِحَّ تَوْبَتُك وَأَظْهَرَهَا ثُمَّ رَجَعَ قَالَ فَبَلَغَنَا أَنَّهُ أَظْهَرَ الْوَقْفَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ فَمَضَيْت وَمَعِي نَفْسَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا، فَقُلْت لَهُ: قَدْ بَلَغَنِي عَنْك شَيْءٌ وَلَمْ أُصَدِّقْ بِهِ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْت: نَقِفُ فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ: أَنَا أَقُولُ كَلَامُ اللَّهِ فَجَعَلَ يَحْتَجُّ بِيَحْيَى بْنِ آدَمَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ وَقَفُوا، فَقُلْت لَهُ: هَذَا مِنْ الْكِتَابِ الَّذِي أَوْصَى لَكُمْ بِهِ عُبَيْدُ بْنُ نُعَيْمٍ. فَقَالَ: لَا تَذْكُرُ النَّاسَ.

فَقُلْت لَهُ: أَلَيْسَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا أَنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِمَخْلُوقٍ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت فَمَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ أَلَيْسَ قَدْ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ كَفَّارَةً لِأَنَّهُ حَلَفَ بِغَيْرِ مَخْلُوقٍ؟ فَقَالَ: هَذَا مَتَاعُ أَصْحَابِ الْكَلَامِ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا أَقُولُ كَلَامُ اللَّهِ كَمَا أَقُولُ أَسْمَاءُ اللَّهِ فَإِنَّهُ مِنْ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ وَأَيُّ شَيْءٍ قَامَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ثُمَّ قَالَ عَلَّمُوكُمْ الْكَلَامَ وَأَوْمَأَ إلَى نَاحِيَةِ الْكَرْخِ يُرِيدُ أَبَا ثَوْر وَغَيْرَهُ، فَقُمْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَمَا كَلَّمْنَاهُ حَتَّى مَاتَ.

وَرَوَى الْخَلَّالُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَعُلَمَاءُ الْوَاقِفَةِ جَهْمِيَّةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ مِثْلُ ابْنِ الثَّلَّاجِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ.

قُلْت: وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الصِّفَاتِ بَعْضُهُ فَهَذَا إمَّا أَنْ يُنْكِرَ لَأَنْ يُقَالَ الصِّفَةُ الْقَائِمَةُ بِالْمَوْصُوفِ كَالْعِلْمِ وَالْكَلَامِ لَا يُقَالُ هِيَ بَعْضُهُ أَوْ لِأَنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يُقَالُ: إنَّ لَهُ بَعْضًا كَمَا لِلْأَجْسَامِ بَعْضٌ، فَإِنْ كَانَ الْإِنْكَارُ لِأَجْلِ الْأَوَّلِ فَأَهْلُ الْكَلَامِ مُتَنَازِعُونَ فِي صِفَاتِ الْجِسْمِ، هَلْ يُقَالُ إنَّهَا بَعْضُ الْجِسْمِ أَوْ يُقَالُ هِيَ غَيْرُهُ أَوْ لَا يُقَالُ هِيَ غَيْرُهُ فَذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ الْأَلْوَانُ وَالطُّعُومُ وَالرَّوَائِحُ وَالْحَرَارَةُ وَالْبُرُودَةُ وَالرُّطُوبَةُ وَالْيُبُوسَةُ وَالرِّقَّةُ أَبْعَاضُ الْأَجْسَامِ وَأَنَّهَا مُتَجَاوِرَةٌ، قَالَ وَحُكِيَ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِطَاعَةِ وَالْحَيَاةِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْحَرَكَاتِ وَالسُّكُونَ وَسَائِرَ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ الْأَجْسَامِ أَعْرَاضٌ لَا أَجْسَامٌ.

وَحُكِيَ عَنْهُ فِي التَّأْلِيفِ أَنَّهُ كَانَ يَثْبُتُهُ بَعْضُ الْجِسْمِ فَأَمَّا غَيْرُهُ مِمَّنْ كَانَ يُنَافِي قَوْلَهُ فِي الْأَجْسَامِ فَإِنَّهُ كَانَ يَثْبُتُ التَّأْلِيفَ وَالِاجْتِمَاعَ وَالِافْتِرَاقَ، وَالِاسْتِطَاعَةَ غَيْرُ الْأَجْسَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>