الْمَقَالَاتِ: أَنَّ قَائِلًا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ قَالَ مَا كَانَ عِلْمًا مِنْ عِلْمِ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ فَلَا نَقُولُ مَخْلُوقٌ وَلَا نَقُولُ غَيْرُ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْهُ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا فَهُوَ مَخْلُوقٌ.
وَحَكَى هَذَا الْحَاكِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ وَهُوَ مَعَهُ عِنْدِي قَالَ وَحَكَى مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ أَنَّ فِرْقَةً قَالَتْ إنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْخَالِقُ وَأَنَّ فِرْقَةً قَالَتْ هُوَ بَعْضُهُ، وَحَكَى زُرْقَانُ أَنَّ الْقَائِلَ بِهَذَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَنَّ فِرْقَةً قَالَتْ إنَّ اللَّهَ هُوَ بَعْضُ الْقُرْآنِ وَذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مُسَمًّى فِيهِ فَلَمَّا كَانَ اسْمُ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ وَالِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى كَانَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ وَأَنَّ فِرْقَةً قَالَتْ هُوَ أَوْلَى قَائِمٌ بِاَللَّهِ لَمْ يَسْبِقْهُ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ وَكُلُّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ كَنَحْوِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِلَابٍ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ مُحْدَثٌ كَنَحْوِ زُهَيْرٍ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ مُحْدَثٌ كَنَحْوِ أَبِي مُعَاذٍ التُّونِيُّ يَقُولُونَ إنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا عَرَضٍ قُلْت: مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ وِزْر قَالَ وَنَحْوُهُمَا هُمْ مِنْ الْجَهْمِيَّةِ وَنَقْلُهُمْ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيهِ تَحْرِيفٌ فِي النَّقْلِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ فِي الْمَقَالَاتِ أَنَّهُ وَجَدَ ذَلِكَ فِي نَقْلِ الْمَقَالَاتِ فَإِنَّهُ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ الدَّيَّانَاتِ وَالتَّمْيِيزَ بَيْنَهَا مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَذَاهِبِ وَالْمَقَالَاتِ وَرَأَيْت النَّاسَ فِي حِكَايَةٍ مَا يَحْكُونَ مِنْ ذِكْرِ الْمَقَالَاتِ وَيُصَنِّفُونَ فِي النِّحَلِ وَالدَّيَّانَاتِ، مِنْ بَيْنِ مُقَصِّرٍ فِيمَا يَحْكِيهِ، وَغَالِطٍ فِيمَا يَذْكُرُ مِنْ قَوْلِ مُخَالِفِيهِ، وَبَيْنَ مُعْتَمَدٍ لِلْكَذِبِ فِي الْحِكَايَةِ إرَادَةَ التَّشْنِيعِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَمِنْ بَيْنِ تَارِكٍ لِلتَّقَضِّي فِي رِوَايَتِهِ لِمَا يَرْوِيهِ مِنْ اخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ، وَمِنْ بَيْنِ مَنْ يُضِيفُ إلَى قَوْلِ مُخَالِفِيهِ مَا يَظُنُّ أَنَّ الْحُجَّةَ تَلْزَمُهُمْ بِهِ.
قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا سَبِيلُ الدَّيَّانِينَ وَلَا سَبِيلُ أَلْفَاظِ الْمُتَمَيِّزِينَ، فَحَدَانِي مَا رَأَيْت مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْحِ مَا الْتَمَسْت شَرْحُهُ مِنْ أَمْرِ الْمَقَالَاتِ وَاخْتِصَارٍ ذَلِكَ.
قُلْت: وَهُوَ نَفْسُهُ وَإِنْ تَحَدَّى فِيمَا يَنْقُلُهُ ضَبْطًا وَصِدْقًا، لَكِنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَنْقُلُهُ مِنْ مَذَاهِبِ الَّذِينَ لَمْ يَقِفْ عَلَى كُتُبِهِمْ وَكَلَامِهِمْ هُوَ مِنْ نَقْلِ هَؤُلَاءِ الْمُصَنَّفِينَ فِي الْمَقَالَاتِ، كَزُرْقَانَ وَهُوَ مُعْتَزِلِيٌّ وَابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ وَهُوَ شِيعِيٌّ، وَكَتَبَ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ وَنَحْوُهُمْ فَيَقَعُ فِي النَّقْلِ مَا فِيهِ مِنْ جِهَةِ هَؤُلَاءِ مِثْلُ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ فِرْقَةٍ أَنَّهَا قَالَتْ إنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْخَالِقُ وَفِرْقَةٌ قَالَتْ هُوَ بَعْضُهُ، وَحِكَايَةُ زُرْقَانَ أَنَّ الْقَائِلَ بِهَذَا هُوَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، هُوَ مِنْ بَابِ النَّقْلِ بِتَأْوِيلِهِمْ الْفَاسِدِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute