إذا أسلم شخص في شيء واحد على أن يقبضه بالتقسيط في أوقات متفرقة أجزاء معلومة , كسمن يأخذ بعضه في أول رجب وبعضه في أول رمضان وبعضه في منتصف شوال مثلا. . . فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك على ثلاثة أقوال:
- ذهب المالكية والشافعية في الأظهر أنه يصح ذلك. لأن كل ما جاز أن يكون في الذمة إلى أجل , جاز أن يكون إلى أجلين وآجال , كالأثمان في بيوع الأعيان.
- وذهب الشافعي في قول ثان له إلى أنه لا يصح ذلك , لأن ما يقابل أبعدهما أجلا أقل مما يقابل الآخر , وذلك مجهول , فلم يجز. أي أن القيمة الحالية (وقت عقد السلم) للدفعة المؤجلة إلى الأجل القريب أعلى من القيمة الحالية للدفعة المؤجلة إلى الأجل البعيد , فحيث لم يسم في العقد لكل دفعة من المسلم فيه قدرا من الثمن (رأس المال) على حدته , فلا تعرف حصة كل قسط من الثمن , وتلك هي الجهالة المفضية إلى فساد العقد.
- وذهب الحنابلة في المعتمد عندهم إلى التفصيل , حيث قالوا: يصح أن يسلم في جنس واحد في أجلين , كسمن يأخذ بعضه في رجب , وبعضه في رمضان , لأن كل بيع جاز إلى أجل جاز إلى أجلين وآجال إن بين قسط كل أجل وثمنه , لأن الأجل الأبعد له زيادة وقع على الأقرب , فما يقابله أقل. فاعتبر معرفة قسطه وثمنه. فإن لم يبينهما لم يصح.
ويصح أن يسلم في شيء كلحم وخبز وعسل يأخذه كل يوم جزءا معلوما مطلقا , أي سواء بين ثمن كل قسط أو لا , لدعاء الحاجة إليه.
فإن قبض البعض مما أسلم فيه ليأخذ منه كل يوم قدرا معلوما , وتعذر قبض الباقي , رجع بقسطه من الثمن , ولا يجعل للباقي فضلا على المقبوض , لأنه مبيع واحد متماثل الأجزاء , فقسط الثمن على أجزائه بالسوية , كما لو اتحد أجله.