- بالحديث القدسي: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة) قال: (ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفيه أجره).
قوله: (فاستوفى منه) دل الحديث على أن الذنب إنما يكون بتأخير الأجرة بعد استيفاء المنفعة لقوله: (فاستوفى منه)
- الدليل الثالث: ان الأجرة في عقد الإجار مقابل منفعة فإذا لم ياخذ المنفعة لم يجب عليه أن يملك الأجرة.
وظاهر كلام شيخ الإسلام - رحمه الله - أنه يرجح القول الثاني. وهو الأقرب إن شاء الله.
- قال - رحمه الله -:
- وتستحق بتسليم العمل الذي في الذمة.
قبل أن ندخل في هذه المسألة: عندنا في مسألة الأجرة ثلاث أزمان:
ـ زمن الملك.
ـ وزمن استحقاق المطالبة.
ـ وزمن استقرار الأجرة.
لكل واحد منها وقت في الشرع.
نحن ذكرنا في كتاب الإجارة ان الإجارة على نوعين: ـ على عين. ـ وعلى عمل في الذمة.
إذا كانت على عمل في الذمة فهي المسألة التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - وسنأتي إليها.
إذا كانت على عين: نقول: إذا كانت على عين تملت بالعقد كما ذكر المؤلف - رحمه الله - وذكرنا الخلاف فيه.
وتستحق - يعني: يجوز المطالبة بالثمن - بتسليم العين. - ونحن نتكلم عن الأجرة إذا كان المعقود عليه عين - متى يجوز المطالبة بالثمن؟.
بتسليم العين. فمجرد ما يسلم اعين له أن يطالب بالأجرة ولو لم ينتفع المستأجر.
واستدلوا على هذا:
- بأن تسليم العين يجري مجرى الانتفاع بمنافعها. هكذا يقولون.
بقينا في الزمن الثالث: وهو: الاستقرار. لا تستقر الأجرة إلا بمضي المدة.
وما معنى تستقر؟ يعني: تملك ملكاً تاماً.
إذاً عرفنا الآن فيما إذا كان المعقود عليه عين متى تملك ومتى يستحق المطالبة ومتى تستقر الأجرة.
نأتي إلى مسألة المؤلف - رحمه الله - حيث يقول: (وتستحق بتسليم العمل الذي في الذمة.)
إذا كان المعقود عليه عمل في الذمة مثل أن أقول للعامل: ابن لي هذا الجدار. فأيضاً له ثلاثة أزمان:
ـ الزمن الأول: ملك الاجرة ويكون بالعقد. لماذا؟ لأن المؤلف - رحمه الله - في المسألة الأولى يقول: (وتجب الأجرة بالعقد. هل فرق بين أن يكون عمل وبين أن يكون عين؟ إذاً يشمل الأمرين.
إذاً: متى تملك؟ بالعقد.
ولكن لا تستحق ولا تستقر إلا بعد تسليم العمل.