للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- الدليل الثالث: أن عمل الأجير المشترك مضمون عليه. وما تولد عن المضمون مضمون. ولاحظ أن المؤلف - رحمه الله - يقول: (بفعله).

ونحن نقول ما تولد عن هذا الفعل: مضمون.

شرح الدليل: قولهم أن عمل الأجير المشترك مضمون عليه: معنى: (مضمون عليه) أنه لا يستحق الأجرة إلا بتمامه.

وقولهم: (ما تولد عن المضمون مضمون) يعني ما تولد عن هذا العمل من إتلاف أيضاً مضمون لأنه متولد عن عمل مضمون.

= القول الثاني: أنه لا يضمن.

واستدلوا على هذا:

- بالقياس على الأجير الخاص. لأن كلاً منهما أخذ مال الغير لنفع الغير.

- ولأن يده يد أمانة كالمودع.

الراجح والله أعلم: القول الثاني: أنه لا يضمن. لأن الآثار عن عمر وعلي ضعيفة منقطعة لا تثبت ولأن الأجير في أصل العقد مؤتمن.

ولو قيل: أن تضمين الأجير المشترك يرجع فيه إلى رأي الحاكم فإذا رأى أن الأجراء الذين يعملون للناس على سبيل الاشتراك عندهم تساهل وتفريط بأموال الناس ضمنهم وإلا فلا: فيكون من باب السياسة الشرعية لا من باب الأحكام المضبوطة التي دلت عليها النصوص المحكمة وإنما تكون من السياسة الشرعية لكان هذا القول وجيه ومفيد.

- قال - رحمه الله -:

- ولا يضمن ما تلف من حرزه أو بغير فعله.

هذا في الحقيقة بيان لما يخرج بقوله (بفعله).

إذا تلف المال عند الأجير المشترك في حرزه أو بغير فعله فإنه لا يضمن.

مثال هذا الأمر:/ إذا أعطى رجل خياطاً ثوباً له ليخيط هذا الثوب فأخطأ الخياط وخرق الثوب بفعله وهذه هي الصورة التي ذكرنا الخلاف فيها.

لكن إذا أعطى الرجل رجلاً عمل في المجوهرات أعطاه ذهباً ليقوم بصياغته على شكل معين ووضع صاحب المحل الذهب في المكان المخصص وهو التجوري المغلق المحكم ومع ذلك سرق. فيعتبر سرق من حرزه وإن كان المال موجوداً عند الأجير المشترك لكن لا يضمنه لأنه سرق من حرزه.

ـ الصورة الثانية: إذا تلف بغير فعله. كأن يتلف بآفة سماوية أو يتلف بما لا يد للأجير المشترك به كالحرائق ونحوها. حينئذ لا يضمن. لأنه ليس بفعله. والحنابلة يرون أنه يضمن إذا نتج التلف عن فعله فقط.

- قال - رحمه الله -:

- ولا أجرة له.

<<  <  ج: ص:  >  >>