وقد حكي الإجماع على هذا: لأنه كالمودع ويده يد أمانة ولم يخالف من الفقهاء أحد إلا رجل واحد وهو الشعبي فإنه رأى أن الأجير يضمن. وقوله - رحمه الله - ضعيف جداً وربما تكون هذه الفتوى من الشعبي مناسبة لوقت من الأوقات أو لانتشار التساهل بين الرعاة في زمنه أو لأي سبب عارض.
لكن من حيث الدليل الراعي لا يضمن.
بل قال الفقهاء شيئاً يدل على إئتمانهم للراعي بشدة: وهو أنه لو ادعى أنها تلفت وماتت أو أكلها لا يلزم بأن يأتي بشيء منها.
بل مجرد دعواه أنها ماتت أو افترست أو أكلها الذئب .... إلى آخره. فإنه تقبل دعواه بلا مطالبة بالبينة.
وعللوا ذلك: بأن الراعي قد لا يستطيع أو يتعذر عليه إقامة البينة على مثل هذه الأمور فإلزامهم بالبينات يفضي إلى اعتذار كثير من الناس من الرعي لغيره بأجر معلوم.
الخلاصة: أن الراعي لا يضمن إذا لم يتعد بالإجماع ولم يخالف إلا الشعبي.
- قال - رحمه الله -:
- ويضمن المشترك ما تلف بفعله.
انتقل المؤلف - رحمه الله - إلى المشترك. فيقول: (ويضمن المشترك ما تلف بفعله).
المشترك هو من لا يختص نفعه للمستأجر. بل يتقبل العمل لاثنين فأكثر في وقت واحد.
مثاله/: الخياط والقصار - يعني الغسال - والطباخ ونحو هؤلاء.
فهؤلاء يتقبلون أعمالاً متعددة في وقت واحد ويصبح وقته مشتركاً للجميع.
وحقيقة الأجير المشترك: أن العقد معه عقد على العمل.
ذكر المؤلف - رحمه الله - أنه يضمن ما تلف يفعله.
ومقصود المؤلف - رحمه الله - بقيد: (بفعله) إخراج ما عدا ذلك كما سيأتينا فهو وصف وقيد معتبر.
قبل أن نأتي بفعله وما يخرج به نتحدث عن أصل المسألة/
= يرى الحنابلة ان الأجير المشترك يضمن.
واستدلوا على هذا بعدة أدلة:
- الدليل الأول: أنه مروي عن أمير المؤمنين عمر وعن أمير المؤمنين علي - رضي الله عنهما -.
- الثاني: أن أمر الناس لا يصلح إلا بهذا. وهذا التعليل مروي عن علي - رضي الله عنه -. وعلل به بعض الفقهاء.
ويقصدون بهذا التعليل: أنه لو لم نضمن الأجير المشترك لأدى هذا إلى تهاونه وإضاعته لأموال الناس والتفريط فيها.
فإذا ضمناه ضمنا قيامه بالواجب تجاه أموال الناس.