إذاً: القول الثالث: أن من نقص ماله عن دينه أصبح في حكم المحجور عليه ولو بلا حكم حاكم مباشرة من حين ينقص لا تنظر تصرفاته. وهذا رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام بن تيمية.
واستدل على هذا:
- بأن تمكينه في مثل هذه الحالة من التصرف يؤدي إلى الإضرار بالمدين. والشرع جاء بقاعدة: (لا ضرر ولا ضرار).
أما العمل فهو على المذهب الأول ولا أحد يبطل تصرفات الناس بدون حكم الحاكم.
وأما من حيث النظر والتأمل ففي الحقيقة القول الثالث هو الصحيح.
وسبب الترجيح: أن هذا القول يتوافق مع مقصود الشارع من الحجر. لأن مقصود الشارع من الحجر تمكين المدين من أداء الديون لأصحابها بلا تفريط ولا إضاعه وهذا يتحقق أكثر مع القول الثالث.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ويستحب إظهاره.
يعني: ويستحب إظهار وإشهار أن هذا المدين محجور عليه.
- ليمتنع الناس من معاملته. لئلا تؤدي المعاملة إلى ضياع أموالهم.
ويستحب أيضاً: الإشهاد. فيشهد عليه أنه محجور عليه.
والحكمة في ذلك: أنه لو تغير القاضي فإن القاضي الآخر لا يحتاج إلى حكم جديد وليعرف الدائن القاضي الجديد بالشهود أن هذا المدين محجور عليه.
وهذا كله لا نحتاج إليه في وقتنا لأن الحجر على الإنسان يثبت الآن بالأوراق. لكن الإشهار مهم وضروري حتى لو كان عن طريق إشهاره في وسائل الإعلام العامة كالجرائد إلا أنه ينبغي للقاضي أن يعتبر حال المدين.
فإن ظن أنه مماطل ومسرف ولا يحسن التصرف وربما دخل في معاملات جديدة بادر في الإشهار.
وإن علم أنه رجل أمين لكن ظروف التجارة هي التي أدت به إلى الإفلاس فإنه ينبغي أن يرفق به إلى ان يتمكن من سداد الدين.
فالقاضي في الحقيقة له مجال واسع في النظر واعتبار حال المدين.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ولا ينفذ تصرفه في ماله: بعد الحجر ولا إقراره عليه.
هذه الأحكام هي في الحقيقة ثمرة للحجر.
فمن أعظم ثمرات الحجر بل هي المقصودة منه: أن لا ينفذ تصرفه في ماله. فلا يبيع ولا يشتري ولا يرهن ولا يتصرف أي تصرف في ماله.
واستدل الحنابلة على منعه من تصرفه بدليلين: