وظاهر ترتيب المؤلف - رحمه الله - أن الحاكم ينبغي أن يبدأ أول ما يبدأ بالحبس ثم بعد ذلك تتدرج العقوبات.
والصحيح أن للحاكم أن يبدأ بغير عقوبة الحبس: إذا رأى أن غير عقوبة الحبس كالتشهير أبلغ وأزجر لهذا المدين المماطل فيبدأ مباشرة بالتشهير.
وإن رأى أن الضرب أبلغ في حقه ضربه ولم يحبسه.
وإن رأى أن الحبس هو المفيد في مثل حاله.
وإن رأى أن يجمع عليه بين الحبس والضرب والتشهير وغيرها من العقوبات التعزيرية فله ذلك.
إذاً: ما هي القاعدة؟ القاعدة: ((أن يعزره بما يجعل هذا المدين يسدد ما عليه)) حسب ما يرى من مصلحة.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ولم يبع ماله: باعه الحاكم وقضاه.
فإن لم تنفع تلك العقوبات فإنه يقوم الحاكم ببيع مال المدين وإيفاء الدائن حقه.
وتولي الحاكم بيع ما للمدين الغني: مذهب الجماهير.
واستدلوا على هذا بعدة أدلة:
- الدليل الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كثر الدين على معاذ حجر عليه وباع ماله.
- والدليل الثاني: أن عمر بن الخطاب لما كثرت الدون على أحد الحجاج من الصحابة خطب في الناس وقال من كان له دين على فلان فليبكر غداً فإنا بائعوا متاعه.
وهذان الأثران المرفوع والموقوف ضعيفان لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن عمر - رضي الله عنه -.
- الدليل الثالث: أن بيع المدين ماله ليوفي الدائن واجب عليه. وتقدمت معنا قاعدة: (أنه إذا وجب على الإنسان واجب ولم يقم به قام به الحاكم)) تقدمتن معنا مراراً فهنا كذلك نقول: هذا واجب على المدين لم يقم به قام به الحاكم مكانه.
- والدليل الرابع: لأن لا تضيع أموال الناس.
فإذاً إذا لم يمتثل المدين بعد هذه العقوبات التعزيرية قام الحاكم ببيع المال ووفاء الدين.
= والقول الثاني: أنه لا يجوز للحاكم أن يبيع المال بل يجبر مالك السلعة على أن يبيعها هو ويسدد الدائن.
- لأنه ليس للحاكم أن يتصرف في ملك غيره بغير إذنه.