للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي)) (١)، وفي لفظ لمسلم: ((لا يَزَالُ يُسْتَجابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بإثم أو قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لم يستعجلْ)) قيل: يا رَسول اللَّه، ما الاستعجال؟ قال: ((يقول: قد دعوتُ، وقد دَعَوتُ، فلَمْ أرَ يَستجيبُ لي، فَيَسْتَحْسِرُ عند ذلك، ويَدَعُ الدعاءَ)) (٢). وهذا يدل على أن من موانع الإجابة: الاستعجال في الدعاء.

وقوله: ((قد دعوت، وقد دعوت)): أي مرة بعد مرة، يعني مرات كثيرة، استبطاءً للإجابة، ((وهذا بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً، فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله)) (٣)، وهذا يدل على جهل الداعي، وعدم معرفته وفهمه لمقاصد الشارع، فإن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال يستجاب))، يدلّ على تأكيد حصول الاستجابة وعظمها، هذا ما أفاده حرفا ((السين والتاء))، وكذلك يدلّ على استمرارية الإجابة كلما تكررت الدعوة، كما أفاد الفعل المضارع ((يستجاب))، فيحسن بالعبد الصالح ملازمة الطلب والسؤال، والإلحاح، وإن تأخرت الإجابة، قال بعض الصالحين:


(١) صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب يستجاب للعبد ما لم يعجل، ٨/ ٧٤، برقم ٦٣٤٠، وصحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، ٤/ ٢٠٥٩، برقم ٢٧٣٥.
(٢) صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب، برقم ٢٧٣٥.
(٣) الجواب الكافي، ص ١٠.

<<  <   >  >>