للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المخاطر، واقتحام العقبات، كأولئك النخعيين الذين تسابقوا على الاستشهاد في معركة القادسية، قال واحد منهم:

(أتينا القادسية، فقتل منا كثير، ومن سائر الناس قليل، فسئل عمر عن ذلك، فقال: إن النخَع وَلُوا عِظَم الأمر وحدهم) (١).

* ورفع الله الحرج عن المعذروين فقال عز من قائل: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله} الآية، وقال تعالى: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}، فعذر الحق سبحانه أصحاب الأعذار، وما صبرت القلوب: (فخرج ابن أم مكتوم إلى أحُد وطلب أن يعطى اللواء فأخذه مصعب بن عمير، فجاء رجل من الكفار فضرب يده التي فيها اللواء فقطعها، فأمسكه باليد الأخرى فضرب اليد الأخرى فأمسكه بصدره، وقرأ: {وَمَا مُحَمَّد إلَّا رَسولٌ قَدْ خلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}. هذه عزائم القوم، والحق يقول: {ليس عَلَى الْأعْمَى حَرَج} وهو في الأول، {وَلَا عَلَى الْأعْرَج حرجٌ} وعمرو بن الجَمُوح من قباء الأنصار أعرج وهو في أول الجيش، قال له الرسول عليه السلام: "إن الله قد عذرك"، فقال: "والله لأحفرنَّ بعرجتى هذه فِي الجنة"، وقال عبد الله بن مسعود: "ولقد كان الرجل يؤتى به يُهِادَى بين الرجلين حتى يقام في الصف") (٢).

* كر الفرس كرة على غرة، فرجع المسلمين متحرفين لقتال، أو متحيزين إلى فئة، فلحقوا بأضعفهم، فاختطفوه أسيرًا، وعادوا به ...


(١) "الإصابة" (١/ ٢٨).
(٢) "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٨/ ٢٢٦).

<<  <   >  >>