للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* واستوصى "رويمًا" صاحبٌ له، فقال: "هو بذل الروح، وإلا فلا تشتغل بالترهات".

الجود بالمال جود فيه مكرمة ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود

* وعن العلاء بن سفيان الحضرمي قال: (غزا بُسْر بن أرطاة الروم، فجعلت ساقته لا تزال تصاب، فيكمن لهم الكمين، فيصاب الكمين، فلما رأى ذلك، تخلف في مائة من جيشه، فانفرد يومًا في بعض أودية الروم، فإذا براذين (١) مربوطة نحو ثلاثين، والكنيسة إلى جانبهم فيها فرسان تلك البراذين الذين كانوا يعقبونه في ساقته، فنزل عن فرسه فربطه، ثم دخل الكنيسة فأغلق عليه وعليهم بابها، فجعلت الروم تعجب من إغلاقه، فما استقلوا إلى رماحهم حتى صَرَعَ منهم ثلاثة، وفقده أصحابه فطلبوه، فأتوا، فعرفوا فرسه، وسمعوا الجلبة في الكنيسة، فأتوها فإذا بابها مُغلق، فقلعوا بعض السقف، ونزلوا عليهم، وبُسْر ممسك طائفة من أمعائه بيده، والسيف بيده اليمني، فلما تمكن أصحابه في الكنيسة سقط بُسْر مغشيًّا عليه، فأقبلوا على أولئك، فأسروا وقتلوا، فأقبلت عليهم الأسارى، فقالوا: "ننشدكم الله من هذا؟ "، قالوا: "بسر بن أرطاة"، فقالوا: "والله ما ولدت النساء مثله"، فعمدوا إلى أمعائه، فردوه في جوفه، ولم ينخرق منه شيء، ثم عصبوه بعمائمهم، وحملوه، ثم خاطوه، فسلم، وعوفي) (٢).

وكبيرو الهمة من المجاهدين يهوون رفع الثقيل من الأمور، وخوض


(١) براذين: جمع بِرْذَوْن، يطلق على غير العربي من الخيل والبغال، عظيم الخلقة، غليظ الأعضاء، قوي الأرجل، عظيم الحوافر.
(٢) "مشارع الأشواق" (١/ ٥٤١).

<<  <   >  >>