للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه النقول يدل ظاهرها على أن هؤلاء العلماء متفقون على إجراء الخلاف بين العلماء في قبول المرسل من غير فرق بين نوع منه وآخر، لإطلاقهم الخلاف فيه من غير أن يقسموه إلى: ملائم وغريب، مثل ما فعل من قسمه هذا التقسيم وأُجري الخلاف نوع دون نوع كما سيأتي.

أقوال الفريق الآخر الذين أجروا الخلاف في نوع دون نوع من المرسل.

أما الفريق الآخر، فيرون أن الخلاف حاصل في نوع دون نوع آخر، فهذا الشاطبي يرى انقسام المناسب المرسل إلى نوعين: ملغى معتبر، فالملغى مردود باتفاق، والملائم هو الذي فيه الخلاف.

قال: "الثالث ما سكتت عنه الشواهد الخاصة، فلم تشهد باعتباره، ولا بإلغائه فهذا على وجهين:

أحدهما: أن لا يرد نص على وفق ذلك المعنى، كتعليل منع القتل للميراث، بالمعاملة بنقيض المقصود، بتقدير أنه لم يرد نص على وفقه، فإن هذه المعاملة لا عهد بها في تصرفات الشارع بالغرض، ولا بملائمها بحيث يوجد لها جنس معتبر، فلا يصح التعليل بها، ولا بناء الحكم عليها باتفاق، ومثل هذا تشريع من القائل به، فلا يمكن قبوله"١.

ثم ذكر القسم الثاني من المرسل وهو الملائم بقوله: "وهو أن يلائم تصرفات الشرع، وهو أن يوجد لذلك المعنى جنس اعتبره الشارع في الجملة بغير دليل معين"٢.

فمراد الشاطبي هنا أن المناسب المرسل الغريب أمر سكتت عنه نصوص الشرع وشواهده، فلم تعتبره أصلاً، لا باعتبار القريب الخاص، ولا بالاعتبار الإجمالي المشار إليه بقوله "بملائمها بحيث يوجد لها جنس معتبر"؛ لأن هذا


١ انظر: الاعتصام ٢/١١٤-١١٥.
٢ انظر: الاعتصام للشاطبي ٢/١١٥.

<<  <   >  >>