اختلف الأصوليون في محل الخلاف بينهم في الوصف المرسل فذهب بعضهم إلى أن الخلاف حاصل في كل وصف مرسل، وذهب البعض الآخر إلى أن الخلاف حاصل فيما هو أخص من ذلك، حيث قسموه إلى: غريب وملائم، وهؤلاء منهم من جعل الخلاف جارياً في الملائم وحكى الاتفاق على رد الغريب، ومنهم من جعل الخلاف حاصلاً في الغريب لا في الملائم، مع اتفاق من جعل الخلاف حاصلاً في كل وصف مرسل، ومن حصر الخلاف في نوع منه دون نوع على أن الجميع يسمى وصفاً مناسباً مرسلاً.
ولعل الخلاف بين الفريقين - من فصل، ومن أطلق - في كون خلاف العلماء في الوصف المناسب المرسل حاصلاً فيه من غير تفرقة بين فرد من أفراده، أو في بعض أفراده يرجع إلى أن من رأى التفرقة بين نوع وآخر في تفرقته التي ذهب إليها - أن من المناسب المرسل ما له أصل كلي يندرج تحته، ولذا سماه ملائماً، وأجري فيه الخلاف، ومنه ما ليس له أصل كلي يندرج تحته، وسماه غريباً، وحكى اتفاق العلماء على رده.
٢ - ومن رأى أن الخلاف جارٍ فيه بين العلماء مطلقاً من غير فرق بين نوع وأخر رأى أنه ما من وصف مناسب مرسل إلا وله أصل يندرج تحته، غير أن إفراد الوصف المناسب تختلف في البعد والقرب من الجنس والأصل الكلي المندرجة تحته، فبعضها بعيد، وبعضها أبعد مع أن الجميع يصدق عليه أنه مندرج تحت ذلك الأصل الكلي١.
ولنستمع إلى أقوالهم الدالة على ذلك:
قال الآمدي في تقسيم المناسب أنه: "المناسب الذي لم يشهد له أصل من أصول الشريعة بالاعتبار بطريق من الطرق المذكورة، ولا ظهر إلغاؤه في صورة،
١ رأى الأصوليين في المصالح المرسلة والاستحسان ص ١٤٨ فما بعدها مع تصرف.