للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ووضعوا فيها الكتب، وأطغوا الناس، وطلبوا لهم الرياسة. فكانت فتنة عظيمة، لم ينج منها إلا من عصم الله. فأدنى ما كان يصيب الرجل فى مجالستهم: أن يشك فى دينه، أو يتابعهم، أو يرى رأيهم على الحق. ولا يدرى أنهم على حق أو على باطل. فصار صاكا شاكا. فهلك الخلق، حتى كانت أيام جعفر - الذى يقال له المتوكل - فأطفأ الله به البدع. وأظهر به الحق، وأظهر أهل السنة. وطالت ألسنتهم مع قلتهم وكثرة أهل البدع إلى يومنا هذا.

فالرسم والبدع وأهل الضلالة قد بقى منهم قوم يعملون بها، ويدعون إليها لا مانع يمنعهم، ولا حاجز يحجزهم عما يقولون ويعملون.

واعلم أنه لم تجئ زندقة قط إلا من الهمج الرعاع، وأتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح. فمن كان هكذا فلا دين له. قال الله ﷿ (١٧:٤٥ ﴿فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ)﴾ وهم علماء السوء، أصحاب الطمع.

واعلم أنه لا يزال الناس فى عصابة من أهل الحق والسنة، يهديهم الله ويهدى بهم، ويحيى بهم السنن. وهم الذين وصفهم الله تعالى مع قلتهم عند الاختلاف.

فقال: (٢١٣:٢ ﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ)﴾ ثم استثناهم فقال ﴿(فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ. وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾) وقال رسول الله «لا تزال عصابة من أمتى ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتى أمر الله وهم ظاهرون»

واعلم أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب، ولكن العالم: من اتبع العلم والسنة، وإن كان قليل العلم والكتب. ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة وإن كان كثير الرواية والكتب

واعلم أنه من قال فى دين الله برأيه وقياسه، وتأوله من غير حجة من السنة والجماعة: فقد قال على الله ما لا يعلم. ومن قال على الله ما لا يعلم، فهو من