للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالزُّهد في الدُّنيا يُرادُ به تفريغُ القلب منَ الاشتغال بها؛ ليتفرَّغ لِطلب الله، ومعرفته، والقرب منه، والأُنس به، والشَّوقِ إلى لقائه،

وهذه الأمورُ ليست مِنَ الدُّنيا كما كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «حُبِّبَ إلي من دُنياكم النِّساءُ والطِّيبُ، وجُعلت قرَّةُ عيني في الصَّلاة» (١)، ولم يجعل الصَّلاةَ ممَّا حُبِّبَ إليه مِنَ الدُّنيا، كذا في

" المسند " (٢) و" النسائي " (٣)، وأظنُّه وقع في غيرهما: «حبِّبَ إليَّ من دنياكم ثلاث» (٤)، فأدخل الصلاة في الدُّنيا، ويشهدُ لذلك حديث: «الدُّنيا ملعونةٌ، ملعونٌ ما فيها، إلاَّ ذكر الله وما والاه، أو عالماً أو متعلماً» خرَّجه ابن ماجه (٥) والترمذي (٦)،

وحسَّنه من حديث أبي هريرة مرفوعاً. وروي نحوه من غير وجه مرسلاً ومتصلاً.

وخرَّج الطبراني (٧) من حديث أبي الدرداء مرفوعاً قال: «الدُّنيا ملعونةٌ، ملعونٌ ما فيها إلا ما ابتُغِيَ به وجه الله». وخرَّجه ابنُ أبي الدُّنيا (٨) موقوفاً،

وخرَّجه أيضاً من رواية شهر بن حوشب (٩)، عن عبادة، أراه رفعه، قال

: «يُؤتى بالدُّنيا يومَ القيامة، فيقال: مِيزوا منها ما كان لله - عز وجل -، وألقوا سائرها في النار».


(١) سبق تخريجه.
(٢) المسند ٣/ ١٢٨ و ١٩٩ و ٢٨٥ من حديث أنس بن مالك، به.
(٣) في " المجتبى " ٧/ ٦١ و ٧٢ من حديث أنس بن مالك، به.
(٤) قال العلامة محمد عبد الرؤوف المناوي: «من زاد كالزمخشري والقاضي لفظ ثلاث فقد وهم، قال الحافظ العراقي في "أماليه" لفظ ثلاث ليست في شيء من كتب الحديث وهي تفسد المعنى، وقال الزركشي: لم يرد فيه لفظ ثلاثة وزيادتها مخلة للمعنى فإن الصلاة ليست من الدنيا، وقال ابن حجر في " تخريج الكشاف ": لم يقع في شيء من طرقه، وهي تُفسد المعنى إذ لم يذكر بعدها إلا الطيب والنساء ثم إنَّه لم يضفها لنفسه فما قال: أحب، تحقيراً لأمرها؛ لأنَّه أبغض الناس فيها لا لأنها ليست من دنياه بل من آخرته كما ظن إذ كل مباح دنيوي ينقلب طاعة بالنية فلم يبق لتخصيصه حينئذٍ وجه». فيض القدير ٣/ ٤٨٩ - ٤٩٠ (٣٦٦٩)، وانظر: الكافي الشاف (١٨٣)، والمقاصد الحسنة: ١٨٠.
(٥) السنن (٤١١٢).
(٦) في " جامعه " (٢٣٢٢) من حديث أبي هريرة، به، وقال: «حسن غريب».

وأخرجه: أبو نعيم " الحلية " ٣/ ١٥٧ و ٧/ ٩٠ من حديث جابر، به.
(٧) كما في " مجمع الزوائد " ١٠/ ٢٢٢، وقال الهيثمي: «رواه الطبراني وفيه خداش بن المهاجر ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات».
(٨) في " ذم الدنيا " (٦).
(٩) وهو ضعيف.

<<  <   >  >>