للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدثنى على بن أبى عبد الله الفارسى، قال: أخبرنى أبى، قال: حدثنى أحمد بن أبى طاهر، قال: حدثنى يحيى بن صالح بن بيهس الدّمشقى، قال: حدثنى أخى محمد بن صالح، قال: لما دخلت العراق وصرت إلى مدينة السلام سألت عمن بها من الشعراء المحسنين- وذلك فى خلافة الأمين أو عند قتله؛ فقيل لى: قد غلب عليهم فتى من أهل البصرة يعرف بأبى نواس، وقد كنت سمعت بشىء من شعره، أتانى به فتى كان يألفنى من أهل الأدب، فقلت له: هل تروى لأبى نواسكم هذا شيئا؟ قال: نعم:

أروى له أبياتا فى الزهد، وليس هو من طريقته، أنشدنيها آنفا، قلت: وما هى؟

قال «٦٥» :

أخى ما بال قلبك ليس ينقى «٦٦»

قلت: أحسن والله: فقال: أولا أنشدك أحسن من هذا؟ قلت: بلى:

فأنشدنى «٦٧» :

ساءك الدهر بشىء ... ولما سرّك أكثر

يا كبير الذّنب عفو اللّ ... هـ من ذنبك أكبر

قلت: وقد والله أحسن وأجاد؛ وما ظننته إذا سلك غير طريقه يحسن هذا الإحسان فيه! قال: أفما سمعت مرثّيته للأمين؟ قلت لا! فأنشدنى «٦٨» :

طوى الموت ما بينى وبين محمد ... وليس لما تطوى المنية ناشر [١٥٩]

فقلت: بحقّ ما غلب هذا على أهل الأدب، وقدّموه على غيره من الشعراء.

قال «٦٩» أبو الوليد يحيى بن صالح بن بيهس: فحدثت هذا الحديث أبا عبد الله محمد بن زياد الأعرابى، فقال: لو كان أخوك تصفّح جملة شعره لعلم أنّ فيه من الإساءة ما يعفّى على المحاسن، وأىّ الناس إذا تخيرت كلامه لم تجد له البيت والبيتين!.

<<  <   >  >>