للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غائبة؛ لأنها التحقت بالهالكة لتعذر إحضارها، وللمقضي له أن يأخذ بالقيمة؛ أيهما شاء المدعى عليه، أو الكفيل؛ لأن الكفيل قام مقام المطلوب (١)، وله أن يطالبهما، وإن طالب أحدَهما، كان له أن يطالب الآخر.

فرّق بين هذا، وبين الغاصب مع غاصب الغاصب، إذا ضمن أحدهما برئ الآخر؛ لأن ضمان الغصب ضمان إتلاف المال حكما بإزالة اليد، وحكمه ثبوت الملك في المضمون، وبعد ما زالت يد المالك بالأول، لا يتصور إزالتها من الثاني.

وإنما يثبت له ولاية تضمين الثاني بطريق إقامة يد الأول مقامَ يد نفسه، وإذا قامت يد الأول مقام يد المالك، برئ الأول عن الضمان ضرورة.

أما الكفالة شُرعت للتوثق بضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل تحقيقا لمعنى الكفالة، وهو الضم، وإذا صارت الذمتان في حق المطالبة كذمة واحدة، كان له أن يطالبهما، ولأن تضمين الكفيل لو أوجب براءة الأصيل يوجب براءة الكفيل، لأن براءة الأصيل يوجب براءة الكفيل، فإن أخذ القيمة من المدعى عليه (٢) براءة الكفيل الأصيل، وكانت الجارية للمدعى عليه بالقيمة، وإن أخذ القيمة من الكفيل برئ الأصيل.

ثم ينظر: فإن كانت الكفالة بأمر الأصيل، كانت ملكا للأصيل، لأن الكفيل يرجع على الأصيل بالقيمة التي ضمن، فكان قرار الضمان على الأصيل، وكان أداء الكفيل كأداء الأصيل، وإن كانت الكفالة بغير أمر الأصيل، كانت الجارية ملكا للكفيل؛ لأنه أدى القيمة جبرا، ولا رجوع له على الأصيل، فكان قرارًا للضمان عليه.


(١) في (ج) و (د): "لأنه قائم مقام المطلوب".
(٢) قوله: "يوجب براءة الكفيل .... إلى قوله: من المدعى عليه". ساقط من (ج) و (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>