للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشك في الشرط ومانع سبب … لغو، كما الحبر القرافي جلب

وذلك لقاعدة أن اليقين لا يرتفع بالشك، وهي قاعدة متفق عليها، وسيأتي أنها من القواعد الخمس التي ذكر القاضي الحسين ـ رحمه سبحانه وتعالى ـ أن الفقه ينبني عليها، وذلك عملا بأصل الاستصحاب، والله سبحانه وتعالى أعلم.

والعلم عند الاكثرين يختلف … جزما، وبعضهم بنفيه عُرف

وإنما له لدى المحقق … تفاوت بحسب التعلق

لما له من اتحاد منحتم … مع تعدد لمعلوم علم

يبنى عليه الزيد والنقصان … هل ينتمي إليهما الإيمان

أشار بهذا إلى أنه اختلف في تفاوت العلم في جزئياته، فذهب الأكثرون إلى أنه يتفاوت، فالعلم بأن الكل أكبر من الجزء، أقوى من العلم بمجيء زيد الثابت بالأخبار المتواترة، والعلم الناشئ عن العيان، أقوى من العلم الناشئ عن الأخبار المتواترة.

وتشهد لهذا المذهب ظواهر كثيرة، كقول سيدنا إبراهيم ـ على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ: (ولكن ليطمئن قلبي) وكقول الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها المذكور في الآية الكريمة، وكقول الحواريين: (وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا) وكقوله سبحانه وتعالى جل من قائل خبرا عن الشهداء: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) الآية الكريمة، وكقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين) والله سبحانه وتعالى أعلم.

وذهب قوم إلى أنه لا يتفاوت في نفسه، فلا فرق بين ضروريه ونظريه، وإنما يتفاوت بكثرة المتعلقات، كمثل ما في حديث الصحيحين (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا)

وينبني على هذا الاختلاف: الاختلاف في الإيمان هل يزيد وينقص بحسب الجزم أو لا؟ والله سبحانه وتعالى أعلم.

وهذا الخلاف ينبني على خلاف آخر، وهو هل يتعدد العلم بتعدد المعلوم، أو لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>