للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى الأول أبو الحسن الأشعري ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وكثير من المعتزلة، وعليه يجري القول بتفاوت العلم في نفسه.

وأما من ذهب إلى أن العلم واحد، ولا يتعدد بتعدد المعلوم، فيرى أن العلم لا يتفاوت في نفسه، وإلى هذا أشار بقوله: لما له من اتحاد منحتم البيت.

والجهل جا في المذهب المحمود … هو انتفاء العلم بالمقصود

معناه أن الجهل هو انتفاء العلم بما من شأنه أن يقصد ليعلم، وذلك صادق بالجهل البسيط، وهو عدم العلم به من دون اعتقاد العلم به، والجهل المركب وهو اعتقاده على هيئة خلاف هيئته.

وقولهم: عما من شأنه أن يقصد ليعلم، احتراز عن نحو جهل ما تحت الأرض ـ مثلا ـ فلا يسمى عدم معرفته جهلا على ما قالوا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

زوال ما علم قل نسيان … والعلم في السهو له اكتنان

معناه أن النسيان، هو زوال المعلوم عن الحافظة، بحيث يحتاج إلى استئناف تحصيله، والسهو هو الذهول عن الشيء مع بقائه في الحافظة، بحيث يستحضره عند التذكير، وذلك هو المراد بقوله: له اكتنان، أي اختفاء واستتار في الحافظة، من غير أن يكون قد ذهب جملة.

وقيل: هما مترادفان، والظاهر أن المراد ترادفهما لما يعم الأمرين جميعا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما ربنا لم ينه عنه حسن … وغيره القبيح والمستهجن

معناه أن قبح الأشياء وحسنها الشرعيين ـ الذين يترتب عليهما الثواب والعقاب والذم والمدح ـ لا يدركان إلا بالشرع.

فالحسن: ما لم ينه عنه الشرع، بأن أذن فيه، سواء كان واجبا، أو مندوبا، أو مباحا، والقبيح: ما نهى عنه الشرع، سواء كان النهي نهي تحريم أو نهي كراهة.

وقال إمام الحرمين ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: المكروه واسطة، إذ لا يذم على فعله، ولا يسوغ الثناء عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>