فالجازم الذي لا يقبل التغير، كالتصديق بأن الكل أكبر من الجزء، يسمى علما. والجازم الذي يقبل التغير، يسمى اعتقادا، كالعقائد الفاسدة كلها.
وينقسم الاعتقاد إلى صحيح، وهو ما وافق الواقع، وفاسد، وهو غيره.
وغير الجازم إما أن يكون احتمال نقيضه مرجوحا، وهو الظن، أو راجحا، وهو الوهم، أو مساويا، وهو الشك، وإلى هذه الثلاثة أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ على سبيل اللف والنشر المرتب بقوله: والوهم والظن البيت.
وقيل: إن الشك والوهم ليسا من التصديق، إذ ليس فيهما إلا التجويز، وقد عدهما السيد وغيره من التصور، وهو أبين.
وأما قول بعض الشروح: إن الواهم حاكم بالطرف المرجوح حكما مرجوحا، وأن الشاك إن كان شكه ناشئا عن تعارض الأدلة فهو حاكم بالتردد، فمشكل.
أما في الشك، فلما ذكروه من أن التصديق الحكم بوقوع النسبة، أو عدم وقوعها، وهذا غير واحد منهما.
وأما الحكم بالتردد، فهذا حكم في نسبة أخرى، وقضية أخرى، وهي تكافؤ أدلة الوقوع، وأدلة اللاوقوع.
وأما في الوهم، فكيف يكون حاكما بعدم وقوع الشيء مثلا، مع حكمه بوقوعه؟ … فالأوجه أن الواقع منه إنما هو تجويز للنقيض.
وأيضا كيف يكون صاحب الوهم حاكما، وصاحب الشك غير حاكم، مع أن الشك أقوى من الوهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
هذا والأصل العمل بالظن إلا في مواضع مستثناة، كالمواطن المتعبد فيها بالقطع، كالعقائد. وأما الشك والوهم، فالأصل إلغاؤهما، وقد يراعيان لمعنى عارض، كالاحتياط ونحوه، كلزوم الوضوء بالشك في الحدث، وكلزوم طلب الماء مع ظن عدم وجوده، على خلاف في المسألتين، وكندب التنزه في الرضاع، ويقول الشيخ آد ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: