للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفكر هو حركة النفس في المعقولات.

والمراد بالإطلاق في البيت، أنه لا فرق بين أن يكون العلم بذات، أو نسبة.

الادراك من غير قضا تصور … ومعْه تصديق وذا مشتهر

معناه أن التصور هو الإدراك الذي لا حكم معه، فإن كان معه حكم، فهو تصديق، والحكم تقدم أنه إثبات أمر لأمر، أو نفيه عنه.

وقيل: إن التصديق هو الإدراك الرابع من الإدراكات التي يتوقف عليها الحكم، وهي إدراك زيد في قضية: زيد كاتب، وإدراك الكاتب، وإدراك النسبة بين زيد والكاتب، التي هي مورد الإثبات والنفي، من غير حكم، كحال شاك، وكونها واقعة بالفعل، أو منتفية، وهو مذهب قدماء المناطقة، وهو المشار إليه بمفهوم قوله: وذا مشتهر.

وإنما سمي التصور تصورا، لانطباع صورة المدرَك في ذهن مدرِكه، وأما التصديق فسمي تصديقا، أخذا بأشرف الاحتمالين: الصدق والكذب، فالتصديق خبر، والخبر محتمل للصدق والكذب.

والمراد بالتصور ـ في ما قالوا ـ: وصول النفس إلى المعنى بتمامه، وإلا فهو شعور، ومثلوا له بشعورنا بأن الملئكة أجسام لطيفة نورانية لا تعلم حقيقتهم.

وهذا يؤدي إلى سؤال، وهو أنه إذا كان التصديق متوقفا على التصور، وكان التصور خاصا بوصول النفس إلى المعنى بتمامه، فكيف يكون التصديق في الأشياء الغيبية؟ … والجواب: أن التصديق إنما يتوقف على إدراك الشيء إدراكا يرفع أصل الجهالة به، المانع من تمييزه، ومعرفته من الجهة التي يتعلق به فيها ذلك الحكم.

فإن كان هذا هو المراد بوصول النفس إلى المعنى بتمامه، فلا إشكال.

وإن أريد تعقله على وجه تام، كما يقتضيه التمثيل بالملئكة فليس بصحيح، والله سبحانه وتعالى أعلم.

جازمه دون تغير علم … علما، وغيره اعتقاد ينقسم

إلى صحيح إن يكن يطابق … أو فاسد إن هو لا يوافق

والوهم والظن وشك ما احتمل … لراجح أو ضده أو ما اعتدل

<<  <  ج: ص:  >  >>