وجه لا يتخلف بحال، وقد يكون على وجه الغلبة والرجحان، مع إمكان التخلف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
والدلالة اصطلاحا قيل هي: فهم أمر من أمر، وقيل: هي كون أمر بحيث يفهم منه أمر، فهم أو لم يفهم.
ودلالة اللفظ الوضعية، على ثلاثة أنواع:
دلالة مطابقة، ودلالة تضمن، ودلالة التزام.
فالأولى: دلالة اللفظ على مجموع معناه، كدلالة لفظ اثنين على مجموعهما.
والثانية: دلالته على بعض ما وضع له، كدلالة لفظ اثنين على أحدهما.
والثالثة: دلالته على خارج لازم له، كدلالة اللفظ المذكور على الشفع والزوجية.
والمراد باللزوم: اللزوم في الذهن، كالعمى والبصر، لا اللزوم في الخارج فقط، لأن الفهم حينئذ ليس ناشئا من اللفظ، وقد أشار الأخضري ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ إلى ذلك في السلم بقوله:
دلالة اللفظ على ما وافقه … يدعونها دلالة المطابقه
وجزئه تضمنا، وما لزم … فهو التزام إن بعقل التزم
وكلامهم في دلالة الاقتضاء، صريح في تساوي اللزوم العقلي واللزوم الشرعي، فلعل التخصيص باللزوم العقلي اصطلاح خاص بالمناطقة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ولا بد للطالب من معرفة هذه الأوجه، فإن بعض البحوث التي تدور في كلامهم مبنية على تفاصيلها، وإنما لم يتكلم عليها المؤلف ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ لقوله:
منتبذا عن مقصدي ما ذكرا … لدى الفنون غيره محررا
ولا شك أن هذا لا يقل أهمية عن التصور والتصديق.
والنظر الفكر الموصِّل إلى … ظن بحكم، أو لعلم مسجلا
معناه أن النظر في الاصطلاح، هو الفكر الذي يوصل إلى علم أو ظن.
ومقتضى قوله: ظن بحكم: أن التصور لا يكون إلا علما، وهو كذلك في ما ذكروا، والله سبحانه وتعالى أعلم.