للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يقنت بعد (١) اهـ

قال شيخ الإسلام زكريا - رحمه الله سبحانه وتعالى -: لا يقال هذا يغني عما قبله، أو بالعكس، لأنا نقول: المثبت قد يكون مقررا للأصل، كالمثبت للطلاق والعتاق، (٢) فإنه مقرر للأصل، لأن الأصل عدم الزوجية، والرقية، فرجع ذلك إلى أن هذا مستثنى من الأول اهـ

قوله - رحمه الله سبحانه وتعالى -: والآمر بعد النواهي، يعني به أن النص الدال على التحريم، مقدم على الدال على الوجوب، لأن النهي لدرء المفسدة، والأمر لجلب المصلحة، ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.

ويقدم الدال على الوجوب على الدال على الإباحة، للاحتياط، وهذا هو المراد بقوله - رحمه الله سبحانه وتعالى عنه -: ثم الآخر على الإباحة.

ويقدم الوارد بلفظ الخبر، كقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) على الأمر والنهي، لأن الطلب بالخبر، أقوى منه بالأمر والنهي، لأن الخبر يقتضي ثبوت مدلوله في الواقع، فاستعملت صيغته في الطلب تأكيدا له، وحضا على امتثاله، وعدم التردد في الإتيان به، فنزل في العبارة منزلة ما تحقق بالفعل، إيذانا بذلك.

في خبري إباحة وحظْر … ثالثها هذا كذاك يجري

معناه أنه اختلف إذا تعارض التحريم والإباحة، والمعول تقديم التحريم على الإباحة وغيرها من خطاب التكليف، للاحتياط.

وقيل: تقدم الإباحة لاعتضادها بالأصل.

قال في النشر: حكى هذا القول القاضي عبد الوهاب - رحمهما الله سبحانه وتعالى - في الملخص اهـ

وقيل: هما سواء، لتساوي مرجحيهما.

قال التاج السبكي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في رفع الحاجب: والخلاف في ما إذا لم


(١) روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن مسعود ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ أنه قال: قد علموا أن النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ إنما قنت شهرا.
(٢) العتاق بفتح العين: مصدر، وبكسرها: جمع عتيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>