للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المقرر لها مستفاد منها، بخلاف الناقل، فكان أرجح للزيادة.

وقيل: يقدر تأخر المقرر لها، ليفيد تأسيسا، فيكون ناسخا، إذ لو قدر تقدمه لكان تأكيدا، لعلمه منها، والتأسيس أرجح منه.

ومثاله: تقديم الخبر في تحريم النبيذ على الخبر في تحليله.

ويقدم المثبت للحكم الشرعي، على النافي له، لاشتماله على زيادة علم، فيكون تأسيسا، وقيل: بالعكس، لاعتضاد النافي بالأصل، ومثلوا لتعارض المثبت والنافي بحديث بلال - رضي الله سبحانه وتعالى عنه - أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى في الكعبة حين دخلها ركعتين، (١) وحديث أسامة - رضي الله سبحانه وتعالى عنه - في مسلم أنه دعا في نواحي البيت حين دخله ولم يصل (٢).

قال التاج السبكي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في رفع الحاجب: ولقائل أن يقول: إنما يثبت التعارض بين هذين الخبرين لو ثبت أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يدخل الكعبة إلا مرة واحدة، ولكنه دخلها غير مرة، فلعله صلى الله تعالى عليه وسلم صلى مرة، ورواه بلال - رضي الله سبحانه وتعالى عنه - وترك أخرى ورآه أسامة - رضي الله سبحانه وتعالى عنه – (٣) اهـ

قال في النشر: ومثل الباجي - رحمهما الله سبحانه وتعالى - لمسألة المثبت والنافي، بحديث أنس - رضي الله سبحانه وتعالى عنه - كان النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا، (٤) وحديث ابن مسعود - رضي الله سبحانه وتعالى عنه - أنه صلى الله تعالى عليه وسلم إنما قنت شهرا يدعو على حي من أحياء بني سليم، ثم لم


(١) متفق عليه.
(٢) رواه البخاري.
(٣) وجا عن أسامة ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى فيها ـ ووفق ابن حبان ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بأن هذا ـ أعني الإثبات ـ كان في يوم الفتح، والآخر كان في حجة الوداع، وقيل غير ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(٤) رواه الإمام أحمد، وصححه الحاكم في جزء له في القنوت كما في التلخيص الحبير، وضعفه غير واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>