للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستدل أيضا في ما نقله عنه الزركشي في البحر - رحمهما الله سبحانه وتعالى - بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم، فجملوها، وباعوها وأكلوا أثمانها " (١) وقوله - صلى الله تعالى عليه وسلم: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " (٢) وبقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات " (٣) اهـ

قال في البحر: قال القرطبي - رحمهما الله سبحانه وتعالى -: وسد الذرائع ذهب إليه الإمام مالك وأصحابه - رحمهم الله سبحانه وتعالى أجمعين - وخالفه أكثر الناس تأصيلا، وعملوا عليه في أكثر فروعهم تفصيلا.

قال الزركشي - رحمه الله سبحانه وتعالى -: ثم حرر موضع الخلاف، فقال:

اعلم أن ما يفضي إلى الوقوع في المحظور إما أن يلزم منه الوقوع قطعا، أو لا.

والأول ليس من هذا الباب، بل من باب ما لا خلاص من الحرام إلا باجتنابه، ففعله حرام، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

والذي لا يلزم إما أن يفضي إلى المحظور غالبا، أو ينفك عنه غالبا، أو يتساوى الامران، وهو المسمى بالذرائع عندنا.

فالاول لا بد من مراعاته، والثاني والثالث اختلف الأصحاب فيه، فمنهم من يراعيه، ومنهم من لا يراعيه، وربما يسميه التهمة البعيدة، والذرائع الضعيفة اهـ

وقول الشيخ - رحمه الله سبحانه وتعالى -: كفتحها إلى المنحتم وبالكراهة وندب وردا، كأنه عقد به قول شهاب الدين القرافي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في التنقيح:

واعلم أن الذريعة كما يجب سدها، يجب فتحها، ويكره، ويندب، ويباح، فإن الذريعة هي الوسيلة، فكما أن وسيلة المحرم محرمة، فوسيلة الواجب واجبة، كالسعي للجمعة والحج اهـ

وهذا منه مبني على ترادف الوسيلة والذريعة، وهو وإن كان كذلك لغة، (٤) إلا أن الوسيلة


(١) متفق عليه.
(٢) رواه النسائي والدارمي والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.
(٣) متفق عليه.
(٤) وذكر القرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ أنه اصطلاح المالكية.

<<  <  ج: ص:  >  >>