لها حكم المقصد اتفاقا كما تقدم في مباحث الأمر (١).
والمراد بها: ما لا يتأتى فعل المطلوب إلا به، سواء كان المطلوب فعلا أو تركا، كان الطلب جازما أو لا، سواء كان ما يتوقف عليه الإتيان بالمطلوب فعلا أيضا أو تركا.
وأما الذريعة فإنما اشتهر استعمالها في ذريعة المحرم، وقد تقدم تعريفها في قول أبي الوليد الباجي - رحمه الله سبحانه وتعالى -: وهي المسألة التي ظاهرها الإباحة، ويتوصل بها إلى فعل محظور اهـ
وقد تقدم في كلام القرطبي - رحمه الله سبحانه وتعالى - ما هو صريح في الفرق بين الذريعة والوسيلة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ولم أتمكن من الوقوف على التعبير بفتح الذريعة لأحد قبل شهاب الدين القرافي - رحمه الله سبحانه وتعالى – وليست عبارة: فتح الذريعة بينة في وجوب وسيلة الواجب، إذ المتبادر من الفتح، رفع الحظر.
هذا ولم أقف على سد ذريعة المكروه أيضا لغير شهاب الدين القرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ أيضا، وظاهر عبارة من تسنى لي الوقوف على كلامهم في هذا الأصل، اختصاصه بالمحرم، وهو بين، فإن المكروه غير ممنوع الفعل، فلا يتهم في التحيل إليه، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وألغ إن يك الفساد أبعدا
أو رجح الإصلاح كالأسارى … تفدى بما يدفع للنصارى
وانظر تدلي دوال العنب … في كل مشرق وكل معرب
لا خلاف بين العلماء في أنه ليس كل ما يمكن التوصل به إلى الممنوع ممنوعا، ولا يكاد شيء من الأشياء يخلو من ذلك.
قال في النشر: يعني أنه يجب إجماعا إلغاء الذريعة إذا كان الفساد أبعد جدا من المصلحة، وأشرت إلى دليل ذلك بقولي: وانظر إلخ، يعني أن مما يدل على إلغاء الذريعة التي
(١) وإنما اختلف في وجوبه بموجب المقصد، كما تقدم، والحمد لله رب العالمين.