قال أبو الوليد الباجي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في الإشارة: وهي المسألة التي ظاهرها الإباحة، ويتوصل بها إلى فعل محظور، وذلك نحو أن يبيع السلعة بمائة إلى أجل، ثم يشتريها بخمسين نقدا، ليتوصل بذلك إلى بيع خمسين مثقالا نقدا، بمائة إلى أجل، وأباح الذرائع الإمام أبو حنيفة، والإمام الشافعي - رحمهما الله سبحانه وتعالى -.
والدليل على ما نقوله: قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (وسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تاتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تاتيهم)
فوجه الدليل من هذه الآية الكريمة، أنه سبحانه وتعالى حرم الاصطياد يوم السبت، وأباحه سائر الأيام، فكانت الحيتان تأتيهم يوم سبتهم، وتغيب عنهم في سائر الأيام، فكانوا يحضرون عليها إذا جاءت يوم السبت، ويسدون عليها المسالك، ويقولون: إنما منعنا من الاصطياد يوم السبت فقط، وإنما نفعل الاصطياد في سائر الأيام، وهذه صورة الذرائع.
ويدل على ذلك قوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم)
فمنع جميع المؤمنين أن يقولوا: راعنا، لما كان اليهود يتوصلون بذلك إلى ما لا يجوز، فمنع من ذلك المؤمنين، وإن كانوا لا يقصدون به ما منع من أجله.
ويدل على ذلك أيضا ما روي عن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أنه قال:" الولد للفراش، وللعاهر الحجر " ثم قال: " احتجبي منه يا سودة " لما رأى من شبهه بعتبة (١).
وأيضا فإن ذلك إجماع الصحابة - رضي الله سبحانه وتعالى عنهم أجمعين - وذلك أن عمر - رضي الله سبحانه وتعالى عنه - قال: يا أيها الناس إن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - قبض ولم يفسر لنا الربا، فاتركوا الريبه.
وقال ابن عباس - رضي الله سبحانه وتعالى عنهما - لما سئل عن بيع الطعام قبل أن يستوفى: دراهم بدراهم، والطعام مرجى اهـ بخ