يجرى عليها، ورأوا أن إجراءه على هذه الحالة، دليل على أنه كان كذلك في الأصل، فهذا دليل على أنه حجة عندهم، وظاهر كلام السبكي - رحمه الله سبحانه وتعالى - أنه حجة.
والاخذ بالذي له رجحان … من الادلة هو استحسان
أو هو تخصيص بعرف ما يعم … ورعي الاستصلاح بعضهم يؤم
ورد كونه دليلا ينقدح … ويقصر التعبير عنه متضح
يدخل في الاستدلال أيضا، الاستحسان، وقد اختلف في تفسيره، ونقل أبو الوليد االباحي في الإشارة عن ابن خويز منداد ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ أنه القول بأقوى الدليلين، وهذا المعنى لا خلاف في المصير إليه بين أهل العلم، لوجوب العمل بالراجح.
وجاء عن الإمام أشهب - رحمه الله سبحانه وتعالى - أنه تخصيص الدليل العام، بالعادة، لمصلحة الناس، كاستحسان جواز دخول الحمام من غير تعيين زمن المكث فيه، وقدر الماء، فإنه معتاد على خلاف الدليل.
وأجيب بأن العادة إن انتصب عليها دليل، كتقريره صلى الله تعالى عليه وسلم، أو إجماع أهل العلم، فلا خلاف في الأخذ بها لقيام دليلها، وإلا فلا حجة فيها.
واستظهر الإبياري - رحمه الله سبحانه وتعالى - أنه استعمال مصلحة جزئية، في مقابلة قياس كلي، فهو كتقديم الاستدلال المرسل على القياس، كما إذا اختار بعض ورثة المشتري بالخيار، الرد، وبعضهم الإمضاء، فالقياس رد الجميع إن رد بعضهم، لأن من ورثوا عنه الخيار، لو رد البعض، رد الجميع، لما في التبعيض من إدخال الضرر على البائع، والاستحسان أخذ المجيز الجميع، ارتكابا لأخف الضررين.
فالاستحسان على هذا القول: الأخذ بمصلحة جزئية، في مقابلة دليل كلي، ويشهد له الرخص الواقعة في الشريعة قاله في النشر.
وقيل: إنه دليل ينقدح في نفس المجتهد، يعسر عليه التعبير عنه، قال السيف الآمدي - رحمه الله سبحانه وتعالى -: والوجه في الكلام عليه، أنه إن تردد فيه بين أن يكون دليلا محققا، ووهما فاسدا، فلا خلاف في امتناع التمسك به، وإن تحقق أنه دليل من الأدلة الشرعية، فلا نزاع في جواز التمسك به أيضا، وإن كان ذلك في غاية البعد، وإنما النزاع في