وأما الناقص فهو: ما استقرئ فيه أكثر الجزئيات، غير صورة النزاع، وهو دليل ظني، ويعرف عند الفقهاء بإلحاق الفرد بالأغلب.
قال في الإبهاج: ويختلف فيه الظن باختلاف الجزئيات، فكلما كانت أكثر، كان الظن أغلب، وقد اختلف في هذا النوع، واختار المصنف - يعني البيضاوي رحمهما الله سبحانه وتعالى - أنه حجة تبعا لتاج الدين صاحب الحاصل، وهو ما اختاره صفي الدين الهندي - رحمه الله سبحانه وتعالى - وبه نقول.
وقال الإمام - رحمه الله سبحانه وتعالى -: الأظهر أنه لا يفيد الظن، إلا بدليل منفصل.
ثم بتقدير الحصول يكون حجة، وهذا يعرفك أن الخلاف الواقع في أنه هل يفيد الظن، لا في أن الظن المستفاد منه هل يكون حجة اهـ
والفرق بين القياس الأصولي، والمنطقي، والاستقرائي، أن الأصولي هو: الاستدلال بثبوت الحكم في جزئي، لإثباته في جزئي آخر مثله بجامع، والمنطقي هو الاستدلال بثبوت الحكم في كلي، لإثباته في جزئي، والاستقرائي عكس المنطقي قاله العطار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ.
والمقصود بالذات بالاستقراء عند المناطقة الحكم على الكلي، بخلافه عند الأصوليين، فإنه الحكم على الجزئي، لتعلق غرضهم بأحكام الجزئيات، ومن هنا يعلم أنه لا حاجة بهم إلى الاستقراء التام عند المناطقة، لأنه مبني على علم ثبوت الحكم في جميع الجزئيات، والاصوليون إنما يحتاجون للدليل لعلم حكم الجزئي، والفرض أنه معلوم، ولما كان وجه الدلالة عند المناطقة لا بد وأن يكون لزوما عقليا، كان الاستقراء سواء للجميع ما عدا واحدة أو للأكثر ما عداها، لا يفيد عندهم إلا الظن، لجواز المخالفة قاله الشربيني - رحمه الله سبحانه وتعالى -.
قال: واعلم أن التقييد بصورة النزاع في المحلين، يخرج ما لو كان النزاع في صورتين فأكثر، فلا يقال في الأول إنه حينئذ قطعي، ولا في الثاني إنه ظني، لكن لا يخلو عدم كون الثاني ـ