فليس ببين، فقد قال الإمام - رحمه الله سبحانه وتعالى - فالعبارة الصحيحة عن هذا الدليل أن يقال: حكم الشرع إبقاء ما كان على ما كان، إلا إذا وجدت دلالة شرعية مغيرة اهـ
وقال أيضا: المناظر تلو المجتهد، ومعلوم أن المجتهد لا يجوز له التمسك باستصحاب حكم الأصل، إلا إذا بحث، واجتهد في طلب الأدلة المغيرة، فإذا لم يجد في الواقعة شيئا منها، حل له في ما بينه وبين الله - سبحانه وتعالى - أن يحكم بمقتضى الاستصحاب، فأما قبل البحث عن وجود هذه الدلائل المغيرة، فلا يجوز له التمسك بالاستصحاب ـ أصلا ـ فلما ثبت أن الأمر في المجتهد كذلك، وجب أن يكون في حق المناظر كذلك، لأنه لا معنى للمناظرة المشروعة إلا بيان وجه الاجتهاد اهـ
فانتفاء المدرك دليل في الموضعين على عدم الحكم، فيستصحب عند من يقول بالاستصحاب.
وأما الحنفية فيخالفون في تسميته استصحابا، ولا يخالفون في الحكم، فهو ثابت عندهم أيضا، لكن بالعقل لا بالاستصحاب كما نص عليه الشربيني - رحمه الله سبحانه وتعالى -.
ومنه الاستقراء بالجزئي … على ثبوت الحكم للكلي
فإن يعم غير ذي الشقاق … فهو حجة بالاتفاق
وهو في البعض إلى الظن انتسب … يسمى لحوق الفرد بالذي غلب
يدخل في الاستدلال كذلك الاستقراء، بأن تُتَتَبَّعَ جزئيات كلي، ليثبت حكمها له، وينقسم إلى تام، وناقص.
أما التام فهو: ما استقرئت فيه جميع الجزئيات، ما عدا الجزئية التي هي صورة النزاع، أو محل البحث، وهو دليل قطعي على ثبوت الحكم فيها، عند الأكثرين، واحتمال مخالفة تلك الصورة لغيرها، لا يمنع من القطع العادي، إذ الاحتمالات البعيدة لا تنافيه، كما قالوه في إفادة التواتر العلم، من أن تجويز العقل التواطأ على الكذب، لا ينافي إفادته العلم الضروري. …
وقيل: ليس بقطعي، وحكى البدخشي في شرح منهاج البيضاوي - رحمهما الله سبحانه وتعالى - الاتفاق على أنه دليل يقيني، كما في حاشية العطار - رحمه الله سبحانه